ما تمثله بكركي من مرجعية وطنية اولاً ومرجعية مارونية دينية ثانياً وما تشكله مع بعبدا والرئاسة الاولى من هالة وطنية ومسيحية، يجعل من مواقف سيدها محط إهتمام ومتابعة دائماً وكذلك تدقيق في معانيها ومغازيها.
في 12 حزيران الماضي حط البطريرك الماروني بشارة الراعي رحاله في زيارة لبعبدا. وتقول اوساط متابعة للعلاقة بين الرجلين، انها ضمنياً كانت للتأكيد على اهمية موقع حاكم مصرف لبنان وعدم المس برياض سلامة، بعد مواقف اعلن فيها ان الحكومة او جزء منها يتجه الى اقالته. كما وفرت غطاء ماروني له من بكركي وتمن من بعبدا، كما تحدث الراعي عن خطة الكنيسة للزراعة ومنع الجوع ومكافحة الازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة. وكان لافتاً ان الراعي طلب عدم تحميل المسؤولية لطرف واحد والمقصود رئيس الجمهورية ولا سيما بعد تصاعد مواقف للحراك بالتظاهر ضده وصولاً الى المطالبة بإستقالته او رحيله.
هذه الزيارة كانت الزيارة الاحدث للراعي الى بعبدا، وفي موقف جديد فسر على انه لم يخدم حوار بعبدا او اللقاء الوطني"، دعا الراعي بعد 10 ايام وقبل يومين من انعقاد "اللقاء الوطني" في بعبدا في 25 حزيران، عون "إلى إصدار وثيقة وطنية في اللقاء الوطني"، مقترحا "تأجيل اللقاء من أجل التوافق على حل للازمات".
وأكد الراعي "ضرورة أن تقر الوثيقة الوطنية بسلطة الدولة الفعلية دون سواها على الأراضي اللبنانية والالتزام بقرارات الشرعية الدولية".
هذه المواقف وفق الاوساط ، بدأت تعكس تبدلاً في موقف بكركي من العهد ومسألة السلاح وحتى العلاقة مع "حزب الله". وبعد اسبوع من موقف تأجيل الحوار، اتى موقف الراعي في إنتقاد قرار القاضي محمد مازح بحق السفيرة الاميركية دوروثي شيا ليعكس تبدلاً وفق الاوساط ايضاً وترجيح كفة المواقف المعارضة للعهد ولحكومة الرئيس حسان دياب ولسلاح "حزب الله".
الاستدارة الكبيرة في السياسة والتي تشير الى تبدل في مواقف الراعي هي موقفه الاحد الماضي والذي يعكس وفق الاوساط مقاربة جديدة كلياً لمواقف الراعي منذ توليه سدة البطريركية المارونية ليذكر بمواقفه الاخيرة بمواقف الراحل البطريرك صفير بعد 9 سنوات وبضعة اشهر على انتخابة بطريركاً في العام 2011 . وخلفاً للبطريرك صفير الذي كان له مواقف متمايزة عن رئاسة الجمهورية والعماد اميل لحود وكذلك عن "حزب الله" والخط المتحالف مع سوريا وإيران.
واستوقف الاوساط مناشدة الراعي رئيس الجمهورية "العمل على فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر"، ودعوة الدول الصديقة للإسراع إلى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرّض لخطر، ومنظمة الأمم المتحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلان حياده".
هذا الكلام التصعيدي السياسي من الراعي لاقى صدى قوياً في بعبدا وفي حارة حريك، اذ تشير المعلومات لـ"الديار" ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شعر بـ"خيبة أمل" من كلام الراعي في توقيته ومضمونه، لكنه ككل المقربين منه وكذلك وزراء ونواب "التيار" تعمم عليهم عدم التعليق على مواقف الراعي، او فتح سجال مع بكركي والتأكيد على احترام موقعية بكركي الدينية وما تمثله من هالة دينية ومحترمة لدى عون والمحيطين به.
في المقابل تؤكد الاوساط نفسها ان "حزب الله" و 8 آذار يشعرون بإستغراب سياسي في مضمون وتوقيت هذه المواقف التي تتلاقى مع الحملة الاميركية والخليجية والداخلية على سلاح المقاومة. وخصوصاً الكلام عن الحياد وفي ظل تهديدات اسرائيلية ليلاً ونهاراً وكذلك الخروقات اليومية البرية والبحرية والجوية وليس آخرها الاعلان عن سرقة إسرائيلية موصوفة للنفط اللبناني. ويسعى العدو الى تشريعها عند اعلان استدراج العروض للتنقيب عن حقل غازي حدودي متنازع عليه مع لبنان. اما الحديث عن نجدة لبنان وفك الحصار عن الشرعية فكأنه يقول ان "حزب الله" يحاصر العهد والحكومة ولبنان، ويأخذه رهينة، والمطالبة الدولية بنجدته وكأنه القول الصريح ان لبنان يحتله "حزب الله!
وعلى غرار بعبدا، يحترم "حزب الله" العلاقة الشخصية مع الراعي ومع مرجعيته الدينية ومع هالة بكركي، لكنه في السياسة آثر الصمت وفق المعلومات ولا يريد الخوض في سجال مع بكركي، كما حدث لدى زيارته الاراضي المحتلة راعوياً رغم تمنيه وقتها عبر وفد كبير عدم الزيارة لمنع اي تداعيات او حساسيات وبالتالي قد تنتهي مفاعيل مواقف الراعي قريباً رغم وجود توقعات من الاوساط نفسها ان يكون هناك تتمات لكلام الراعي ومواقف سياسية اكثر حدة وتصعيداً تجاه العهد و"حزب الله"!