من دون سابق إنذار، عاد ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى الواجهة، عبر الإخبار المقدم من قبل المحامين: عمر الكوش، فادي سعد، محمد زياد جعفيل، جهاد أبو عمو، إلى النيابة العامة التمييزية في بيروت، للادعاء عليه واحالته على القضاء المختص بملاحقة جرائم تبييض الأموال وتمويل الارهاب، سنداً لمواد قانون العقوبات اللبناني، لا سيما المادة /316/، معطوفاً على قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 2001/318 والمعدل بموجب قانون مكافحة تبييض الاموال رقم 2015/44، بالتنسيق مع هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، تمهيداً لإحالته أمام محكمة الجنايات المختصة وإنزال العقوبة المناسبة بحقه وفرض الغرامة المنصوص عنها قانوناً.
في الوقائع القانونية لهذا الإخبار، إشارة إلى أن سماحة لم يلاحق بجرم تمويل الإرهاب، وهو جرم مستقل عن الجرائم التي حكم فيها، سواء من حيث أركانه القانونية أو من حيث إجراءات الملاحقة والتحقيق، وإلى أن عملية مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تشهد تشدداً من قبل الجهات المصرفيّة والمراجع والمحاكم المختصة.
ويرى المحامون أنّ هناك إجراءات خاصة متاحة قانوناً يفترض تطبيقها للتحقيق، سواء بشأن المبالغ النقدية التي احضرها سماحة من سوريا للقيام بأعمال إرهابية أو بشأن حساباته المصرفية، معتبرين أن من شأن اغفال التحقيقات السابقة هذه الجوانب السماح بإنكشاف امنيّ أكبر للبلد أمام المخططات الخارجيّة التي كانت تريد زعزعة إستقراره، بالإضافة إلى تفويت حقوق ماليّة للخزينة اللبنانيّة.
في هذا السياق، تشير مصادر قانونية، عبر "النشرة"، إلى أن الواقعة التي يتحدث عنها الإخبار كانت حاضرة خلال مرحلة محاكمة سماحة، سواء في المحكمة العسكرية الدائمة أو في محكمة التمييز العسكرية، وبالتالي كان من المفترض أن تحال إلى النيابة العسكرية لتقديم مطالعة فرعية، فيما لو كان هناك ما يستحق المتابعة، خصوصاً أن موضوع المبلغ المالي كان موجودا في القرار الإتهامي والأحكام التي صدرت في الملف.
وبالتالي، ترى المصادر نفسها أن ملاحقة سماحة شملت كل الفعل، وفي هذه الملاحقة صدر الحكم، وتشير إلى أن الحكم الذي يصدر عن محكمة التمييز العسكرية يكون نهائياً ومبرماً وقطعياً، ولا يمكن الطعن به إلا بإعادة المحاكمة إذا ظهرت مستندات لم يعلم بها أحد، وبالتالي إذا كان هناك مستندات جديدة فإن تقديمها لا يكون عن طريق إخبار، وتوضح أنه بموجب القانون اللبناني لا يجوز أن تتم الملاحقة على أيّ فعل إلا مرة وحدة.
من وجهة نظر المحامي معن الأسعد أحد وكلاء الدفاع عن سماحة، الهدف من هذا الإخبار هو سوريا وليس الوزير السابق، نظراً إلى أنه من الناحية القانونية ليس إلا إخباراً بحكم مبرم ونهائي، وبالتالي التوقيت، في ظل قانون قيصر الأميركي، هو الذي من المفترض أن تُثار حوله علامات إستفهام، ويرى أنه يجب أن يتم إهماله من النيابة العامة التمييزية.
على الرغم من ذلك، يسأل الأسعد عن الأسباب التي دفعت بالمحامين إلى الإشارة إلى التنسيق مع هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان التي يرأسها حاكم المصرف رياض سلامة، خصوصاً أن المبلغ الذي يتم الحديث عنه لم يدخل في أيّ حساب مصرفي، ولم يتم تحويله عبر أي شركة من شركات التحويل بل الزعم بالدفع كان نقداً، وبالتالي قد يكون مقدمة، بطريقة ملتوية وغير مباشرة، لدخول لبنان مرحلة تطبيق قيصر.
من جانبه، يرد أحد مقدمي الإخبار المحامي محمد زياد جعفيل، عبر "النشرة"، على السؤال عن التوقيت بالسؤال عن أسباب عدم تحرك القضاء قبل اليوم، رغم إقرار سماحة بالأموال، ولا ينفي إرتباط تقديم الإخبار بموعد إنتهاء محكوميّة الوزير السابق، ويؤكد أنّ جرائم تبييض الأموال لا يشملها مرور الزمن، ويؤكّد أن لا خلفيات سياسية، على الأقل بالنسبة له شخصياً، أو تنسيق مسبق مع تيار "المستقبل"، ويضيف: "أنا أقدم العديد من الإخبارات التي تعنى بالشأن العام، وشاءت الصدفة هذه المرة أن نكون جميعنا من تيار المستقبل".
بالتزامن، ينفي جعفيل أن يكون المستهدف من هذا الإخبار سوريا لا سماحة، لكنه يشير إلى أن لا مشكلة إلى أين يصل هذا الملف، ويوضح أنه يتفهم عدم تسليط الضوء على هذا الجانب منه من قبل المحكمة العسكرية في الفترة الماضية، لأنّه كان محالاً إليها على أساس يتعلق بالإرهاب والأسلحة.