ضربة جوّية "غامضة" هزّت شباك تركيا في الخامس من الشهر الجاري، سدّدتها طائرات "مجهولة" على قاعدة الوطيّة الليبية، ودمّرت المنظومات الدفاعية الجوية التركيّة بُعيد ايام قليلة إلى نشرها، ونُفّذت في توقيت مدروس تزامنا مع زيارة وزير الدّفاع ورئيس الأركان التركيَّين الى ليبيا برفقة وفد من كبار القادة العسكريّين، ليأتي الهجوم الجوّي المباغت، بعد رصد استخباري دقيق "صادما" سيّما انه دمّر ايضا ملجأ تتموضع فيه طائرات من دون طيّار تركيّة، وأطاح بالعشرات من الضبّاط والجنود الأتراك، بينهم قائد عسكري وُصف ب"رفيع المستوى" واثنين من سلاح الجوّ "الإسرائيلي"- حسبما اكّد مصدر في موقع" بلغاريان ميليتيري" البلغاري.
وفيما تضاربت المعلومات حول الجهة المنفّذة، بين ان تكون فرنسا او مصر وراء الهجوم، أجمعت وسائل إعلام روسيّة، على انّ مقاتلات من طراز "ميغ29 هي التي نفّذت الهجوم الجويّ على قاعدة الوطيّة بتسعة صواريخ، ودمّرت جميع انظمة الدفاع الجوّي التركية. وأوضحت انّ القوات الجويّة التابعة للجيش الوطني الليبي، إستخدمت المقاتلات الروسيّة التي تسلّمتها مؤخرا من موسكو.
هي نفسها المقاتلات التي دمّرت في السابع من شهر حزيران الفائت، رتلا تركيّا ضخما اكّدت تقارير روسيّة انه كان يستعدّ للهجوم على مدينة سرت، وأفشلت هجومه، بعد ان نفّذت هجوما مماثلا على فرقاطة تابعة للبحريّة التركيّة في المياه الليبيّة، وهي نفسها المقاتلات التي سلّمتها موسكو للجيش السوري في شهر ايار المنصرم وأثارت إرباكا في دوائر تل ابيب وأنقرة على السواء. فصاروخ ار 77 وهو سلاح مقاتلات "ميغ29" يستطيع اصابة وإسقاط طائرات معادية مثل "اف16" التي تستخدمها "اسرائيل" غالبا في قصفها للمناطق السورية، كما انّ أنقرة تتوجّس من ان يُدخلها الجيش السوري بشكل فعّال في عمليّات تحرير ادلب المرتقبة، وهذا ما دفع القادة العسكريين الأتراك الى تدعيم منظوماتهم الدفاعية "ام آي ام 23 –هوك التي نشروها في اماكن محددة في ادلب وريفها، بصواريخ اتيلجان المحمولة المضادة للطائرات "بهدف إسقاط مقاتلات ميغ-29 وفق تنسيق مع تل ابيب التي تسعى جاهدة لتدمير هذه الطائرات - حسب إشارة الكاتب الروسي فلاديمير موخين.
ورغم اكتفاء انقرة بالإعتراف بالضربة الجوّية "المجهولة" على قاعدة الوطيّة دون توضيح الجهة المنفّذة والتعليق على نتائجها القاسية، الا انّ الرسالة وصلت الى "من يعنيه الأمر"، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم "يبلع" بعد "إهانة" منظوماته الدفاعية "بانستير" التي ضربتها المسيّرات التركية في قاعدة الوطية قبل الإطباق عليها من قبل قوات فائز السرّاج بدعم تركي، كما "إهانة" انقرة للقيادة الروسية، حين ألغى السرّاج زيارة كانت مقرّرة له الى موسكو بشكل مفاجئ، وكان يُفترض ان ينفّذ الأخير وعدا قطعه للمسؤولين الرّوس باصطحاب المُحتجزَين الروسيّيَن في ليبيا معه الى موسكو، وهما عالم الإجتماع مكسيم شوجايلي والمترجم سامر علي سويفان -الذي يحمل الجنسيّتين الأردنيّة والرّوسية، الا انّ السرّاج أخلّ بوعده، ما اعتبرته موسكو "طعنة" تركية اخرى بتفاهماتها مع موسكو، رغم المفاوضات المتواصلة التي قادها الرئيس بوتين مع نظيره التركي منذ احتجاز المواطنَين الروسيّيَن في ليبيا بشهر ايار من العام المنصرم.
وعليه، لا يُغفل الخبراء والمحللون العسكريون الروس، انّ "المنازلة" غير المباشرة بين موسكو وانقرة في ليبيا، قد تصل الى حدّ الإحتكاك المباشر، اذا ما هاجمت مقاتلات "اف16 " تركيّة قاعدة الجفرة، حيث يقول مسؤولون اتراك إنّ مقاتلات "ميغ-29 "الروسية إنطلقت منها للهجوم على قاعدة الوطية، الا انّ الشرارة التي ستؤدي الى المواجهة المباشرة بين الجانبين-بحسب الخبراء الروس، تكمن في الهجوم على سرت التي تحظى بخطوط حمر من قبل روسيا كما مصر. وهو الأمر الذي دفع الأخيرة الى الإعلان عن تنفيذ مناورات عسكرية بعد يوم واحد من اعلان تركيا عزمها اطلاق مناورات بحريّة ضخمة قبالة السواحل الليبية.. ما يؤشّر الى مرحلة ساخنة مقبلة قد تفضي الى مواجهة مباشرة بين مصر وتركيا.
وفيما رجّحت تقارير صحافية فرنسية حصول "كمائن" بحرية غير متوقعة في طريق احدى الفرقاطات التركية في المياه الليبية اذا ما عزمت انقرة الهجوم على مدينة سرت، لفت الكاتب الروسي الكسندر ستينيكوف في صحيفة "سفوبودنايا بريسا"، الى "انّ تركيا تلعب بالنار مع روسيا في ليبيا، وهي لا تدرك قوّة روسيا الحقيقية في البحر"، معتبرا انّ الهجمات التي شنّتها المسيّرات التركية على منظومة الدفاع الجوي بانستير الروسية في ليبيا، ما كانت لتنجح لولا دعم سفن البحريّة التركية. ولكن، في إطار الحرب البحريّة المعاصرة، فإنّ فرقاطات "بيري" التركية قبالة سواحل ليبيا، هي مجرّد "خردة" تمّ تحديثها، ومواجهتها في معركة مع غوّاصة روسيّة مثل "فارشافيانكا" تعدُها بغرق لا مفرّ منه- وفق تعبيره.
وبحسب ما نقله تقرير صحافي فرنسي- عن مصدر وصفه ب"الموثوق" في موقع "ميدل ايست آي"، فإنّ سخونة المرحلة المقبلة ستتجاوز رحى "المنازلة الليبية" الى ساحات اخرى في المنطقة سيّما في الشرق السوري، وحيث قد يتخطّى قادم الأحداث حدود المتوقّع، وقد تصل احدى المفاجآت "البحريّة" الى المياه الإقليميّة اللبنانية، ربطا بحدث "اسرائيلي" مباغت يواجَه بإجراء غير مسبوق ويجذب اهتمام الفضائيّات العالمية!