من عرض وزارة المالية لإستقالة المدير العام آلان بيفاني الى مشاريع القوانين المتعلقة بتصحيح قوانين قطع الحساب الموازنة العامة والموازنات الملحقة منذ العام 1997 وحتى العام 2003، إضافة الى قطع حساب موازنة 2018 والموازنات الملحقة بها وصولاً الى عرض وزارة المال لنتائج دورة خفراء الجمارك، أكثر من حافل هو جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد اليوم في القصر الجمهوري، لكن البند الثاني منه قد يخطف الأضواء، وقد يكون نجم الجلسة السياسي ومن دون منافسة، خصوصاً بعد صدور قانون قيصر الأميركي. البند الثاني المتعلق بعرض وزارة الشؤون الإجتماعية لورقة السياسة العامة لعودة النازحين السوريين. ورقة، صحيح أنها أعدت في عهد وزير الدولة السابق لشؤون النازحين صالح الغريب أي في زمن حكومة سعد الحريري الثالثة، لكنها تعرض للمرة الأولى على طاولة مجلس الوزراء بعدما عدّلها وزير الشؤون الإجتماعية رمزي مشرفية. هي تعرض للمرة الأولى، لأنها لطالما كانت محور خلاف سياسي بين الأفرقاء بمجرد أنها تنطلق من ضرورة التنسيق المباشر مع السلطات السورية لإنجاحها. فهل تقر حكومة حسان دياب ورقة الغريب–مشرفية لعودة النازحين متحدّية قانون قيصر الأميركي الذي يمنع على الدول التعامل مع السلطات السورية، أم أنها ستتقدم بطلب الى السلطات الأميركية تطلب فيه إعتبار مسألة النازحين من الأمور التي يستثنيها قيصر؟.
ما هو أكيد بحسب المتابعين لهذا الملف، هو إصرار السلطات السورية على التواصل الرسمي المباشر معها من قبل السلطات اللبنانيّة لبحث هذا الملف الشائك، وقد سبق أن زار الوزير مشرفية دمشق سابقاً وسمع هذا الإصرار من الوزراء السوريين الذين التقاهم. وما هو أكيد أيضاً هو إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إعادة تحريك هذا الملف إنطلاقاً من الأرقام المالية التي بحوزته والتي تحدث بها في أكثر من مناسبة، أي بمعنى آخر الأرقام التي تتحدث عن خسارة لبنان حوالى 30 مليار دولار بسبب إستقباله أكثر من مليون وخمسمئة نازح سوري على أراضيه وهذا ما شكّل أحد أبرز أسباب الأزمة الماليّة التي نعيشها.
وهنا يطرح السؤال، ما الذي ستختاره الحكومة، التنسيق المباشر مع السلطات السوريّة لوقف إستنزاف الخزينة على النازحين بغضّ النظر عن ردود الفعل الأميركية، أم أنها ستقر التفاوض مع الأميركيين أولاً للحصول على موافقتهم في زمن قيصر؟ وماذا لو تمسك الأميركيون بمقولة لا للتعامل مع سوريا، فعلى أي موقف سترسو الحكومة؟.
خطة الغريب لم يعدل فيها مشرّفية كثيراً وهي بحسب المعلومات تنقسم الى ثلاث مراحل، كما انها تحترم المعايير الدولية لناحية عدم فرض العودة بالقوة.
ولأن هدف الخطة هو تأمين العودة السريعة والآمنة للنازحين، لحظت الخطة التفاوض أيضاً مع المنظمات الدولية التي ترعى شؤون النازحين.
الخطة وضعت قبل قانون قيصر لذلك لم تأتِ على ذكره، وخلال تعديلها لم يتطرق مشرفية الى القانون الأميركي الجديد، هي لحظت المبادرة الروسيّة لإعادة النازحين ورحّبت بأي مبادرة أخرى تصب في الخانة عينها.
في نهاية المطاف، حتى ولو كان الخيار صعباً، الحكومة مضطرة الى مناقشة الخطة، لماذا؟ لأنها في بيانها الوزاري، إعتبرت أن الحلّ الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة الى بلدهم، ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو إدماجهم أو توطينهم في المجتمعات المضيفة.