أشار بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، في رسالة بعث بها إلى البطريرك المسكوني برثلماوس، إلى أنّ "كجلال الجَلَد العقلي أظهرت حسن المسكن المقدّس السفلي مسكنِ مجدك يا رب. فشدّده إلى دهر الداهرين واستجب لنا نحن المقدمين لك فيه التضرّعات بلا انقطاع بشفاعة والدة الإله، يا حياة الكلّ وقيامتهم. بهذه الكلمات اختارت يراع ناظم التسابيح وصف كنيسة الحكمة المقدّسة الّتي دُشّنت في القسطنطينية أواسط القرن السادس".
ولفت إلى أنّ "بهذه الكلمات دشّنت كنيسة القسطنطينية المقدّسة، ومعها كلّ مسيحيي المشرق، هذه الدرة الكنسيّة والمعماريّة المقدّسة والنفيسة ناظرةً فيها شيئًا من بهاء المسكن السماوي مسكن الله القدوس العلي. وقد بقيت الكلمات ذاتها في الليتورجيا الكنسية وكأنّها تذكّرنا أنّ مجد الأرض فيه شيء من مجد السموات، مهما تسامى ذاك الآخر عليه". وذكر أنّ "صحيحًا أنّ مجد السموات هو مجد النفس العامرة بالتواضع، لكن هذا لا يلغي أنّ عين الإنسان توّاقة أيضًا لترى شيئًا من عظمة السماء ومن رمز السماء هنا على الأرض. إذ نقول كلّ هذا، يرتسم أمامنا لاهوت كنيسة أنطاكية التفسيري، الّذي ينطلق من الملموس والعينيّ ليداني غير الملموس ويشدّد على الجسد كما يشدّد على الروح أيضًا".
وأوضح البطريرك يوحنا العشر، "أنّنا إذ نقول كلّ هذا، تَرتسم أمامنا صورة كنيسة الحكمة المقدّسة في القسطنطينية، الّتي يعكس مجدها الأرضي شيئًا من عظمة السماوي. نقول هذا وكلّنا يعرف تاريخ هذه الكنيسة وما آلت إليه في أوائل القرن العشرين، ونقول هذا ونحن نعلم نوازل وصواعد التاريخ الّتي أدّت إلى تحويلها متحفاً في القرن الماضي".
وأكّد "أنّنا سمعنا وببالغ الأسف قرار الحكومة التركيّة تحويل كنيسة الحكمة المقدّسة من الوضع الّذي كانت عليه، إلى جامع. نأسف لهذا القرار ونعبّر عن استنكارنا وشجبنا لكلّ ما يمكن أن يزيّف الهويّة التاريخيّة لبلادنا"، مشدّدًا على أنّ "القرار الأخير يصبّ في خانة تهميش الوجود المسيحي في الشرق، إن لم نقل محاولة الإجهاز على ما تبقّى من دَور ريادي ووجودٍ مسيحي متعايش بسلام مع بقيّة المكوّنات الدينيّة؛ وشواهد التاريخ على التسامح والأخوة الدينيّة ضمن الاحترام المتبادل هي كثيرة".
كما ركّز على أنّ "هذا القرار يأتي لينسف كلّ الجهود الّتي تتطلّع عبرها دول هذا الشرق لبناء دول المواطنة الّتي تحترم التنوّع الديني وتعزّز قيم العلمنة الإيجابيّة. فإذ به يعود إلى نكء جراحٍ تعزّز ويا للأسف التطرّف وإلغاء الآخر". وتوجّه إلى البطريرك برثلماوس قائلًا: "نحن معكم في وحدة صلاة من أجل كنيستكم المقدّسة ومن أجل هذا الشرق الجريح. نحن معكم في كل جهدٍ تضعونه لتعزّزوا وجودكم في أرضكم وأرض أجدادكم في كنيسة القسطنطينية روما الجديدة، الّتي تربطنا إليها كلّ أخوةٍ ووحدة إيمانٍ بيسوع المسيح ربًّا ومخلصًا".