لفت رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، إلى أنّ "المشكلات الّتي يعاني منها لبنان ليست من صنع هذه الحكومة، ولكن هذه الحكومة قد أصبحت هي المسؤولة عن إجراء المعالجات واجتراح الحلول من أجل إخراج لبنان من هذه الأزمات المستعصية"، موضحًا أنّ "هذه الأزمات قد تراكمت بسبب الاستعصاء والسلوكيّات الشعبويّة الّتي مارستها الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة، ومارستها أيضًا معظم أحزاب الطبقة السياسيّة في لبنان. وهي قد تلكّأت وتمنّعت عن القيام بالإصلاحات الّتي كان يفترض أن يُصار إلى اعتمادها وتنفيذها لكي يتكيّف لبنان مع المتغيّرات والتحديات الحاصلة على أكثر من صعيد، مثله في ذلك مثل أي دولة في العالم".
وأكّد في حديث تلفزيوني، أنّ "الحاجة الآن أصبحت ضروريّة وماسّة من أجل إجراء الإصلاحات الماليّة والقطاعيّة والإداريّة والنقديّة، للتلاؤم مع تغيّر الأحوال والظروف والأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتكنولوجيّة المتغيّرة"، مشيرًا إلى أنّ "ما كان ضروريًّا وملحًّا في فترة التسعينيات ومطلع العقد الأول من هذا القرن، قد أصبح في مطلع هذا العقد الثاني حاجة ماسّة كبرى، ولاسيّما منذ العام 2011، وبعد الانقلاب الّذي حصل ضدّ حكومة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، والتغيّرات السياسيّة الّتي حصلت بعدها. وذلك كانت له تداعياته الكبيرة، الّتي ترافقت مع بداية حركة الربيع العربي، واندلاع الحرب في سوريا، وتورّط "حزب الله" في ذلك الصراع، وكذلك تورّطه بعدها في بلدان عربية أُخرى كالعراق واليمن؛ الأمر الّذي كانت له انعكاساته وتداعياته الخطيرة على لبنان".
وركّز السنيورة على أنّ "كلّ ذلك أدّى إلى انخفاض كبير جدًّا وغير مسبوق في معدّلات النمو الاقتصادي في لبنان، وذلك ابتداء من العام 2011. وهو الّذي طرأ على الاقتصاد اللبناني في هذا العقد، والّذي كان على النقيض من الوضع الّذي ساد في السنوات الّتي سبقت، وأعني بذلك السنوات 2007- 2010.
وذكر أنّ "على الصعيد الخارجي، حصل هناك اختلال كبير في سياسة لبنان الخارجيّة وفي علاقاته مع الدول العربية الشقيقة ومع الدول الصديقة في العالم. هذه الاختلالات كانت نتاج القبضة القويّة الّتي كانت قد أصبحت لـ"حزب الله" على الدولة اللبنانية وفي سيطرة دويلته على الدولة"، مبيّنًا أنّ "لذلك، وكما أصبح واضحًا بعد انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون في العام 2016، فقد تفاقمت الأمور مع تردّي الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة، والّتي أدّت بدورها إلى انفجار الوضع مع الانتفاضة الشبابيّة الّتي اندلعت في منتصف شهر تشرين الأول من العام 2019".
وشدّد على أنّ "هذا الأمر، وبدل من أن يُصار إلى معالجته بالسرعة المطلوبة، كان التلكّؤ والتذاكي من قِبل بعض المسؤولين على الآخرين سيّد الموقف. فالأمور فعليًّا دَخلت في خضم وصراع المناكفات السياسيّة في لبنان، الّتي مازالت مستمرّة حتّى الآن". ولفت إلى أنّ "لذلك، وبدلًا من أن تبادر الحكومة إلى القيام بالإصلاحات المطلوبة، وبالتالي المثابرة على إظهار التبصر بالأمور، وتطوير الرؤية الثاقبة والإحاطة الصحيحة في المشكلات، والتصرّف بقياديّة كانت تتطلّبها الأحداث، فإنّه وعلى النقيض من ذلك، ظهر العجز الكبير لدى الحكومة الّتي لم تستطع أن تسهم ولو بشكل بسيط في الحؤول دون هذا الانهيار الكبير في الثقة".
كما أشار السنيورة، إلى أنّ "الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يقول بالفم الملآن إنّني أتبع ولاية الفقيه والسيد علي خامنئي، وهو الّذي يأمرني وأنا أطيعه. وهو يؤكّد أنّ أموال "حزب الله" من خامنئي، وبالتالي فهو يلتزم بتعليماته. كما أنّ السيد نصرالله هو الّذي يقول إنّ سلاح "حزب الله" هو سلاح إيراني، وبالتالي فهو سلاح إقليمي تستعمله إيران من أجل الإطباق والسيطرة على لبنان وعلى دول عربية أخرى". وركّز على أنّ "في هذا السبيل، يستخدم "حزب الله" لبنان كرهينة من أجل تحسين سير المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة الّتي تجري بين إيران والولايات المتحدة الأميركية".
ورأى أنّ "ما يهمّ "حزب الله أن يكون هو صاحب السلطة والقرار، وما يهمّ رئيس الجمهورية وتياره هو تحقيق المكاسب في المقاعد النيابيّة وفي المراكز في الإدارات والمؤسّسات العامة. وبالتالي، فإنّ ما يجري بالفعل تبادل للمصالح بين رئيس الجمهورية والأحزاب الموالية للنظام السوري مع "حزب الله"، وذلك لتحقيق مكاسب حزبيّة على حساب لبنان واللبنانيّين، ما يؤدّي بالتالي إلى المزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة في لبنان الّتي فاقمتها جائحة "كورونا"؛ بما أصبح يؤدّي إلى تراجع كبير في الناتج المحلّي".