تضغط الولايات المُتّحدة الأميركية للحؤول دون إقرار مُوازنة «قوّات الطوارئ الدولية» - «اليونيفل» المُعزّزة العاملة في جنوب لبنان، بما يُؤدّي إلى عدم التجديد لها.
لكن هذا المسعى صعب التحقيق بفعل تأكيد غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على أهمية وضرورة التجديد للقوّات الدولية.
تعمل الإدارة الأميركية من أجل إدخال تعديل على مهام «اليونيفل»، سواء تكليفها المُراقبة الأمنية على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، وأيضاً داخل مناطق انتشارها في الجنوب.
توظّف الإدارة الأميركية استخدام ما تدفعه من مُساهمة إلى قوّات «اليونيفل» البالغة حوالى 35%، للضغط على الأُمم المُتّحدة وإذا ما فشلت، في الحؤول دون التجديد أو تغيير المُهمّة، فالعمل على تقليص عديد «أصحاب القبّعات الزرقاء»، من خلال وقف مُساهمتها، وحينها لن يقتصر الأمر عليها، بل قد تحذُوَ حذوها العديد من الدول، بما يُؤدّي إلى تغيير مهام قوّات «اليونيفل»، التي تُشارك فيها 45 جنسية، ويبلغ عديدها 10042 جندياً (بينهم 850 في القوّة البحرية)، فضلاً عن 800 مُوظّف مدني.
اشتراط أميركي لتغيير المهام ... وإلا وقف التمويل!
سلاح «حزب الله»
ما يطرح استباقاً للتجديد للقوّات الدولية، ما يتعلّق بسلاح «حزب الله»، انطلاقاً من أنّ ذلك نُصَّ عليه في القرار الدولي الرقم 1701، الصادر في 11 آب 2006، الذي أنهى عدواناً إسرائيلياً على لبنان استمرَّ 33 يوماً.
كذلك في القرار الدولي الرقم 1559، الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2 أيلول 2004، والذي تطرّق في بنده الثالث إلى «حل جميع الميليشيات اللبنانية، ونزع سلاحها» - في إشارة إلى سلاح «حزب الله».
وقد سُجّلت في الآونة الأخيرة سلسلة من التحرّكات، التي رفعت شعار سحب سلاح «حزب الله»، والدعوة إلى تنفيذ القرار 1559.
تغيير مهام قوّات «اليونيفل» جنوباً يتركّز بشكل رئيسي على:
- الدخول إلى بعض المناطق، التي تتمتّع بخصوصية، ومنها مراكز تابعة لـ»حزب الله»، يتم التواجد فيها تحت اسم «جمعية أخضر بلا حدود» لتفتيشها، خاصة في «محمية وادي الحجير».
وتطالب وحدات «اليونيفل» بالدخول إليها مع التصوير، بحثاً عن أسلحة أو أنفاق، وهو ما يُثير العديد من الإشكالات، يعمل الجيش اللبناني على معالجتها.
- تسيير طائرات «درون» في مناطق جنوبية بذريعة المُراقبة، مع مخاطر قرصنة الصور التي يتم التقاطها من خلال إمكانية اختراق البرامج المُزوّدة بها، من قِبل أكثر من طرف.
على أنّ هذه المُحاولة جرت من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، الذي طالب قيادة «اليونيفل» بوقفها، لأنّ ذلك يتطلّب تعديلاً في الوسائل المُستخدمة من خلال الطلب من الأُمم المُتّحدة إلى الدولة اللبنانية التي لها حق المُوافقة من عدمه.
ويُسجّل دخول وحدات من بعض كتائب «اليونيفل» إلى بلدات وقرى وأحياء، وحتى منازل، دون تنسيق مُسبق ما يُؤدي إلى حصول حوادث مع الأهالي، يتم العمل على مُعالجتها من قِبل مُخابرات الجيش اللبناني.
رفض لبناني لتسيير القوّات الدولية طائرات «درون» للمُراقبة!
مُخطّط لاستهداف «اليونيفل»!
في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ»اللـواء» عن معلومات توافرت إلى قيادات سياسية وأمنية رسمية لبنانية حول تحذيرات من احتمال تعرّض قوّات «اليونيفل» لهجمات إرهابية تستهدف قوافلها ودورياتها في رسالة تحمل أكثر من مغزى ومضمون، توقيتاً وأهدافاً.
وذهبت المعلومات إلى ذكر أسماء يُتوقّع قيامها بذلك، وهي ضمن مجموعات تُحاكي أفكاراً إرهابية خارجية، وبينها ممَّنْ كان على علاقة بعدد ممَّن وردت أسماؤهم في التحقيقات والاعترافات بأعمال إرهابية استهدفت «اليونيفل» سابقاً، خاصة في عامَي 2007-2008، ومن ثم في العام 2011.
لكن الجهات السياسية والأمنية، تواصلت مع قوى وشخصيات في مناطق معيّنة، وأطلعتها على المعلومات المُتوافرة لجهة المُخطّط الارهابي، بما في ذلك الأسماء.
وأكدت المصادر المُتابعة أنّ عدداً من القيادات والشخصيات تواصل بطُرُق مُختلفة مع مَنْ وردت أسماؤهم، ونفوا وجود أي نيّة للقيام بأي أعمال لا ضد «اليونيفل» ولا على الأراضي اللبنانية؟!
وأُبلِغَت هذه المجموعات بأنّه لن يُسمح لها القيام بأي أعمال أمنية، مهما كلّف ذلك من جهد.
ما يجب إدراكه أنّ مُهمّة «اليونيفل»، التي تتوزّع بين البر والجو والبحر، هي حفظ السلام وليس حماية أمن إسرائيل، والعمل على مُساعدة الدولة اللبنانية لبسط سلطتها.
هذا، وفي إطار رسائل الدعم للقوّات الدولية، جاءت زيارة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب إلى مقر قوّات «اليونيفل»، برفقته نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع زينة عكر عدرة وقائد الجيش العماد جوزاف عون (27 أيّار 2020).
كذلك زيارة وزير الخارجية ناصيف حتي إلى القوّات الدولية (1 تموز 2020).
وقبل التجديد للقوّات الدولية، جدّد الأمين العام للأُمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش، للقائد العام الإيطالي اللواء ستيفانو ديل كول لولاية ثالثة، بعدما كُلِّفَ بالمُهمّة في 12 تموز 2018، وتسلّمها من سلفه الإيرلندي اللواء مايك بيري في 7 آب 2018.
يتزامن ذلك مع المُناورات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشمالية لفلسطين المُحتلّة، وبعد إطلاق العمل بالبحث عن الغاز في البحر، بما في ذلك حقول مُتنازع عليها مع لبنان، الذي تأخّر بالبحث عن استكشاف الغاز في الحقلين 8 و9.
ولم تحسم المصادر المُتابعة إذا ما كان سيُقدِم الاحتلال على أي مُغامرة بشن عدوان ضد لبنان تزامناً مع الذكرى الـ14 لعدوانه في العام 2006، مع ما يعني ذلك من كلفة باهظة وخسائر مُرتفعة، إذا ما وقعت مثل هكذا حرب!
هذا في ظل الوضع المأزوم داخل الكيان الإسرائيلي، بعد إخفاق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تنفيذ مُخطّطاته بضم أراضٍ في الضفة الغربية وغور الأردن والبحر الميت.
كذلك مع تسجيل فرار العديد من العمّال السودانيين من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، بما في ذلك مَنْ دخل منهم تسلّلاً من سوريا إلى لبنان، وصولاً إلى منطقة صور، ومنها إلى المنطقة الحدودية، وتجاوز الشريط الشائك، وبينهم مَنْ قُتِلَ أو نجح بالفرار، أو أوقف من قِبل دوريات الاحتلال، الذي لم يقم بتسليمهم إلى الدولة اللبنانية عبر «اليونيفل» أو «الصليب الأحمر الدولي» - كما جرت العادة - بل التحقيق معهم وفتح بوابة الجدار، الذي شيّده، والرمي بهم ليلاً معصوبي الأعين إلى خارجه.