أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى "أنّنا ننظر اليوم إلى واقعنا وكيف تشوّه الكيان اللبناني الّذي وُلد عام 1920، ثمّ في عام 1943 حيث كانت السيادة مع الميثاق الوطني، الّتي أعادها البطريرك الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير"، لافتًا إلى "انّني من الجيل الّذي عاش السنوات الجميلة في لبنان، أي الخمسينيّات والستينيّات، الّتي كان فيها لبنان محايدًا كليًّا، ولم يكن منحازًا لأي جهة سياسيّة أو أحلاف".
وركّز في كلمة له، بختام جولة لافتتاح 4 مواقع أثريّة في وادي قاديشا تمّ إعادة ترميمها من قِبل "مؤسسة جبل الأرز"، على أنّ "لبنان كان صديق كلّ العالم المشرقي والغربي، وكان محطّ الملوك والرؤساء، وكانت البحبوحة والازدهار والنمو وكان الشعب يعيش بكرامة"، مشدّدًا على "أنّني أتألّم في العمق، عندما أرى كيف تشوّه لبنان وأصبح دولةً منحازةً، تدخل في أحلاف سياسيّة وعسكريّة وحروب ونزاعات، فأصبحنا معزولين من العالم كلّه. هذا ليس لبنان". وأوضح "أنّنا عندما نادينا بالحياد، نادينا بالعودة إلى الكيان اللبناني وإلى الهويّة اللبنانيّة، فالحياد ليس فكرّةً منّي أو ترفًا منّي، بل الحياد اللبناني هو الكيان اللبناني".
وبيّن البطريرك الراعي أنّه "عندما كان لبنان محايدًا سنة 1943، أي عندما أعلن حياده تجاه الشرق والغرب، عاش كلّ اللبنانيّين جمال الازدهار والنمو. أمّا اليوم، فكلّنا نعيش الفقر والحرمان والمأساة الاقتصاديّة والمعيشيّة، والّتي كل يوم نحن أمام صفحة جديدة منها". وأكّد "أنّنا كلّنا أصبحنا بلا كرامة وأصبحنا شحاذين وهذا ليس لبنان، وليست صورة لا المسلم ولا المسيحي. حياد لبنان يخدم الجميع ويحرّر الجميع ويساعد الّذين هم متردّدين أوّلًا، هؤلاء من أجلهم ومن أجل خيرهم ونموّهم ننادي بالحياد؛ ولن نتراجع لأنّه خير للجميع".
وذكر "أنّنا لسنا بذلك أمام مشروع سياسي، بل أمام عودة إلى جذورنا اللبنانيّة وثقافتنا وكياننا؛ هذا الّذي يميّز لبنان بين كلّ الشعوب"، جازمًا "أنّنا لن نترك ثقافتنا وحضارتنا وكياننا".