يُعرف رئيسُ تيار "المردة" سليمان فرنجية تاريخياً بالصدق والإلتزام السياسي. إكتسب "سليمان بك" شهرته بتلك الصفات بعدما ثبت على تحالفاته ولم يتركها في أصعب التحديات، في زمن الحرب وسنوات السلم. لكن هل يبقى فرنجية عند ثوابته؟.
يبدو أنّ زعيم "المردة" قرّر الإنفتاح السياسي على كل القوى الداخلية والعواصم الخارجية، لتعبيد طريق بنشعي نحو بعبدا، لكن هناك مطبّات تعترض درب فرنجية أساسها رئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل. بات أيّ تصرف سياسي و إعلامي في دائرة "البك" يُصنّف في خانة الرد على باسيل.
عندما قرّر فرنجية طيّ الصفحة السوداء مع رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، كان ينطلق من حسابات السباق القائم ضمنياً مع رئيس "الوطني الحر": مات تفاهم معراب فتقدم فرنجية نحو "الحكيم". كما جاءت موجات الإنفتاح بين بنشعي و"بيت الوسط" مضبوطاً على ساعة باسيل: عندما حلّت التسوية بين رئيسي التيارين الأزرق والبرتقالي فرض البُعد نفسه على خط الحريري-فرنجية. يُقال أيضاً أن إطلالات زعيم "المردة" الإعلامية صارت تنسّق بناء على السبب ذاته، من حيث إختيار الوسائل والإعلاميين ومحاور الحديث.
لا يعني ذلك أنّ زعيم "المردة" يصطاد في الحقل الذي يغادره باسيل أو هو يلاحق من يفك علاقته برئيس "الوطني الحر"، لكن كل خطوات "البك" توحي بأنه بات أسير الهاجس الباسيلي. تأتي الرسالة الأخيرة التي أراد أن يوصلها فرنجية الى الحريري عبر الإعلام في ذات المسار. وهنا تتحدث المعلومات عن خشية في بنشعي من تمدّد باسيلي متجدّد بإتجاه القوى السياسية غير المسيحية، تحديداً نحو عين التينة و"بيت الوسط". واذا كانت علاقة الحريري وباسيل ساءت في المدة الأخيرة، بعد سقوط التسوية الرئاسية التي صنعاها، فإن بوادر إحياء العلاقة بينهما بدأت تطل. تتحدث المعلومات عن مساعٍ تجري على خط التيارين "الأزرق" و"البرتقالي"، لكن الحريري يستمهل لأسباب خارجية.
لا يتعلق الأمر بنشاط نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي في هذا الإطار فحسب، بل هناك محاولات ناشطة تجري بعيدة من الإعلام. على خط آخر قد يكون ولّد التواصل المنتج بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وباسيل "نقزة" في بنشعي، علماً أن زعيم "المردة" يُدرك ان العلاقة بينه وبين عين التينة راسخة ومعمّدة بتجارب صعبة. يُعرف عن بري وفاؤه مع أصدقائه، وانفتاحه السياسي، ولعب دور تقريب المسافات بين مكونات البلد بكل إتجاه. هل يكتفي فرنجية بمضمون تغريدة الحريري؟ لماذا تواصلا إعلاميا في رسائل علنية طالما أن علاقة الإثنين المباشرة قائمة وصحّية؟. لا يوجد أجوبة خارج إطار الهواجس التي تلقى صداها في بنشعي ولا يبدو أنها متبادلة حتى الآن.
يزيد من حجم تلك الهواجس أن "حزب الله" لا زال يعطي الاولوية لعلاقته مع باسيل، من دون التنازل عن حلفه مع فرنجية. لا تزال صيغة "هذا عين وهذا عين" هي السائدة. لكن يعرف المطّلعون أن تلك المساواة لا تُترجم في السياسة، بل يجري إستحضار الأحجام وأعداد النواب. مما يعني ان اي تعديل في المعادلة تحتاج الى نتائج نيابية مغايرة ترفع أعداد كتلة نواب فرنجية إلى حدود ما يُنتجه "الوطني الحر".