منذ أيام قليلة وتحديداً يوم الثلثاء الفائت، فتح الأمن العام اللبناني الحدود أمام السوريين الراغبين بالعودة الى بلادهم، وذلك بعد إقفال للحدود دام لأشهر بسبب فيروس كورونا. صحيح أن الأزمة الإقتصاديّة والنقديّة في لبنان بدأت قبل إقفال الحدود، لكن سعر صرف الدولار في شهري آذار ونيسان لم يكن قد تخطّى الخمسة آلاف ليرة، لذلك ومع فتح الحدود اليوم وتأرجح الدولار في السوق السوداء بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف ليرة، كان من المتوقع أن يشهد معبرا المصنع والعبودية الحدوديان حركة أكثر من ناشطة للسوريين الراغبين في العودة الى بلادهم هرباً من أزمة الدولار وإرتفاع الإيجارات وأسعار المواد الغذائية، الخ... "ما كان متوقعاً لم يسجّل فعلياً على معبري المصنع والعبودية، وفي جولة سريعة على سجلات الأمن العام"، يقول العارفون، "يتبيّن أن أعداد السوريين الذين غادروا لا تتخطى المئات، منهم من كان نازحاً مسجلاً لدى سجلات الأمم المتحدة وتمّ شطبه ما يعني أنه أصبح مضطراً للعيش في لبنان من دون مساعدات، ومنهم من كان لديه مشاكل بأوراقه وإقامته فقرر تسوية أوضاعه والرحيل. وفي محاولة لتفسير الأعداد القليلة التي سجلت للسوريين الذين غادروا لبنان، يقول مصدر مطّلع إنّه يعود الى واحد من ثلاثة عوامل أساسية تجعل السوريين لا يغادرون عبر المعابر الحدوديّة الشرعيّة.
السبب الأول هو فحوصات الـPCR التي فرضت عليهم مذكرة الأمن العام اللبناني إجراءها في لبنان وعلى نفقتهم الخاصة، والثاني القرار الرسمي السوري الذي صدر منذ أيام والذي يفرض على كل سوري يريد دخول أراضي بلاده، ان يصرّف مبلغ مئة دولار على الحدود السورية، وأن يستبدلها بعملته الوطنيّة وذلك في محاولة من السلطات السورية لإدخال الدولارات الى الخزينة، في ظلّ الحصار التي تتعرض له سوريا، وقانون قيصر الذي يمنع على أيّ دولة من الدول التعاون العسكري والمالي والإقتصادي مع السلطات السورية. وهنا يتابع المصدر، "يتردّد السوري ألف مرة قبل شراء مبلغ مئة دولار في لبنان بما يقارب الـ900 ألف ليرة وتصريفه عند دخوله الأراضي السوريّة بعملته المنهارة بسبب الحرب في بلاده، وهذا أمر أساسي على صعيد إعاقة العودة.
لكل ما تقدم، أكثر من ناشطة هي حركة تهريب السوريين الى داخل الأراضي السورية من منطقة المصنع وبلدة الصويري في البقاع الغربي ومن وادي خالد في الشمال، وعمليات التهريب هذه يقوم بها مهربون لبنانيون وسوريون مقابل بدلات ماليّة عن كل شخص، ولكن بكلفة أقلّ بكثير من دفع كلفة فحص الـPCR ومن شراء مبلغ مئة دولار وصرفها على الحدود بالعملة السوريّة التي تتراجع يوماً بعد آخر مقابل سعر صرف الدولار. إذاً، التهريب الى سوريا ناشط ليس فقط على صعيد مادّة المازوت وبعض الموادّ الأوليّة. وإذا كان تهريب المواد الأخرى كالطحين أيضًا يضرّ لبنان ومصلحته الإقتصادية، فتهريب السوريين الى بلادهم مفيد للبنان. فهل هو سبب غض النظر الأمني عن هذا التهريب؟.