لم يكن اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 حدثاً عابراً في لبنان، خصوصاً وأنه أعاد رسم المشهد السياسي في البلاد. واليوم، وبعد مرور 15 عاماً على عملية الاغتيال، يترقب العالم حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في القضية. هذا الحكم سيكون محلّ جدل كبير في الداخل اللبناني، بعد اتهام عناصر من حزب الله بهذه العمليّة، وهم سليم عياش، حسن حبيب مرعي، حسين عنيسي، أسد صبرا.
مراحل عديدة مرّت بها عمليات التحقيق بشكل عام، والمحكمة الدولية بشكل خاص، بدءاً من لجنة فيتزجيرالد التي أوصت بتحقيق لجنة دوليّة خاصة، مروراً بتكليف القاضي الألماني ديتليف ميليس بتشكيل لجنة تحقيق دوليّة خاصة، وصولاً إلى تأسيس المحكمة الدولية في العام 2007 بقرار من مجلس الأمن الدولي بطلب لبناني والتي باشرت أعمالها في العام 2009.
واليوم، شارفت رحلة التحقيقات الدولية على نهايتها، بعد أن حددت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان جلسة 7 آب المقبل، للنطق بالحكم في قضية اغتيال الحريري. فما هي الإجراءات التي ستُعتمد في هذه الجلسة؟ وماذا سيترتب على السلطات اللبنانية بعد الحكم؟.
في هذا السياق، أوضحت الناطقة الرسمية باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وجد رمضان أن "إجراءات المحكمة الخاصة بلبنان شبيهة بإجراءات المحاكم الدولية الأخرى، وهي تستدعي وقتاً طويلاً لأنها لا تملك البنى التحتية الموجودة بالمحاكم المحليّة"، لافتة إلى أن "المحكمة تأسست في العام 2009، إلا أنه في العام 2011 صدر القرار الإتهامي بحقّ عياش وآخرين ولحق ذلك بعض الإجراءات إلى أن بدأت المحاكمة في العام 2014، وانتهت الجلسات في أيلول من العام 2018، ومن ثم بدأت مرحلة المذاكرة ليصدر القرار في 7 آب المقبل".
وفي حديث مع "النشرة"، أشارت رمضان إلى أنه "عند انتهاء الجلسات في العام 2018، بدأت مرحلة المذاكرة حيث يتداول القضاة كل الأدلّة ويتم مراجعتها ومراجعة أقوال الشهود، مع الأخذ بعين الإعتبار أن هناك 297 شاهداً وأكثر من 3000 بيّنة جرميّة عدد صفحاتها تفوق الـ150 ألف صفحة"، مؤكدة أن "القضاة يقومون بمراجعة دقيقة لكل الأدلّة ومطابقتها مع بعضها، وهذا يحتاج لوقت طويل، وبالتالي لا يمكن الحديث أبداً عن تأخير في إصدار القرار".
بما يخص الإستئناف الذي سيصدر إن كان إدانة للمتهمين أو براءة لهم، أوضحت رمضان أن "بعد صدور القرار، سيكون هناك حقّ لدى الفرقاء باستئناف الحكم، لكن بما أننا في محاكمة غيابية، وفي حال إدانة المتهمين، ستدرس المحكمة إمكانية فريق الدفاع بالإستئناف".
أما بموضوع مسؤولية الدولة اللبنانية في حال إدانة المتهمين، أكدت الناطقة الرسمية باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنه "من المبكر الحديث عن هذه التفاصيل فالقرار لم يصدر بعد، لكن في حال الإدانة، تقوم غرفة الدرجة الأولى بالمحكمة بإصدار مذكرة توقيف بحق المدانين وتحدد العقوبة"، مشيرة إلى أن "اجراءات تحديد العقوبة منفصلة عن اجراءات المحاكمة"، مضيفة "تنفيذ العقوبة التي تضعها المحكمة يقع على عاتق السلطات اللبنانية الملتزمة بتنفيذ قرارات المحكمة، كما حصل عند اصدار مذكرات التوقيف بعد اصدار القرار الاتّهامي بحق المتهمين".
وشددت رمضان على أنه "عند إصدار الحكم سيكون معلّلاً ومرفقاً بالأسباب القانونيّة التي جعلت القضاة مقتنعين بدون أي شك أن المدعي العام أثبت قضيّته ضد المتهمين"، مؤكدة أن "عمل المحكمة الدولية هو قضائي حيادي دولي بعيدا عن السياسة".
وأشارت رمضان إلى أن "هذه المحكمة تتميز عن باقي المحاكم الدولية بأنها الأولى التي تعاطت بجرائم الإرهاب في زمن السلم على الصعيد الدولي، وهذا الموضوع كان له تحديات خاصة كالنصوص القانونية لتعريف الإرهاب على الصعيد الدولي، وهذه المحكمة كان لها أول قرار بالتعريف القانوني لذلك"، مضيفة "المحكمة استندت في التعريف على القانون اللبناني، وبالتالي لبنان ساهم في تطوير العدالة الدوليّة، وكونها المحكمة الأولى على هذا الصعيد ستكون تجربة مفيدة للمجتمع الدولي".
تتعدّد السيناريوهات المتوقّعة حول شكل الحكم وما سيتبعه من تردّدات في الداخل اللبناني، إلا أن الأكيد، أن هذا الحكم لن يكون "خفيف الظلّ" على الوضع السياسي في البلاد الذي يتهاوى يوماً بعد آخر.