تستقبل بيروت مساء اليوم رأس الدبلوماسية الفرنسية جان - إيف لودريان، وهو المسؤول الأوروبي الأوّل الذي يزور لبنان على هذا المستوى منذ مُـدّة طويلة.
ولا شك ان مجرّد حضور الوزير الفرنسي إلى لبنان فهذا يعني انه ما زال يحظى الوضع فيه اهتمماً دولياً على الرغم من التطورات المتسارعة في أكثر من مكان في الشرق الأوسط، وهو يدل بشكل واضح وصريح بأن باريس ما تزال تعتبر لبنان البوابة الرئيسية التي تتيح لها حجز موقع لها على الخارطة الجديدة للمنطقة والتي بدأت تظهر ملامحها نتيجة الصراعات التي تضربها طولاً وعرضاً.
وإذا كانت أي زيارة يقوم بها أي موفد دولي للبنان مفيدة في هذه المرحلة، غير ان المسؤولين اللبنانيين يحبذون ان تترافق أي زيارة لأي مسؤول دولي مع إعلان لتقديم يد العون للبنان لتمكينه من اجتياز هذه المرحلة الصعبة مالياً واقتصادياً، وعدم الاكتفاء بتوجيه النصح والارشادات التي باتت معروفة بعناوينها العريضة، ومعروفة ما هي الأسباب التي تحول دون القيام بها.
باريس تريد حجز موقع لها في الخارطة الجديدة للمنطقة من البوابة اللبنانية
وإذ ترحب مصادر سياسية مطلعة على الموقف الفرنسي حيال لبنان بالزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسية، فإنها تكشف بأن الزائر الباريسي لا يحمل في جيبه أية مشاريع أو استثمارات لتوظيفها في لبنان، وأن جُلَّ ما يحمله رزمة من المساعدات المالية وربما العينية للمدارس التي تتعرض لأوضاع مالية صعبة، من دون ان يعني ذلك بأن الوزير الفرنسي لن يناقش مع المسؤولين اللبنانيين المشاكل والأزمات التي يتعرّض لها لبنان، خصوصاً على المستويين المالي والاقتصادي، وهو سيرفع الصوت عالياً لحمل المسؤولين في لبنان على مساعدة أنفسهم قبل ان يطلبوا المساعدة من الآخرين، وأنه سيقول ان العالم كلّه ينتظر على بوابة لبنان لتأمين الظروف الملائمة التي يستطيع من خلالها مساعدته، كما انه سيلقي باللوم على اللبنانيين كيف انهم لا يتحركون بشكل جدي للخروج من النفق، ويكتفون بوضع خطط غير مقنعة ولا يكتفون بذلك بل يختلفون عليها سياسياً لا حسابياً أو مالياً، وفي حال بقي الوضع على هذا المنوال فإن لبنان ذاهب في اتجاه ان يصبح بلداً فاشلاً.
وتقول المصادر ان المسؤول الفرنسي سيؤكد للمسؤولين الذين سيلتقيهم بأن بلاده لا تقف ضد الحكومة بما تمثل إنما بما لا تعمل، حيث ان فرنسا بعثت بعدة رسائل منها ما هو الشفهي ومنها ما هو الخطي للحث على التحرّك باتجاه صندوق النقد الدولي، ولم يأخذوا بالنصائح الا بعد ان وصل الفأس إلى الرأس.
وفي رأي المصادر ان ملف قوات «اليونيفل» العاملة في الجنوب سيحضر بقوة في محادثات وزير خارجية فرنسا مع الرؤساء الثلاثة من بوابة الإصرار الأميركي على إعادة النظر في مهمتها وعديدها، وأن فرنسا والاتحاد الأوروبي بإمكانهم التدخل لدى واشنطن لاقناعها بعدم طلب إعادة النظر بصلاحيات هذه القوات في حال التزام لبنان تطبيق القرار 1701 بشكل جدي وفاعل.
وفي ما خص بدء الحكومة اللبنانية بالولوج في تنفيذ الإصلاحات، فإن الوزير لودريان سيؤكد بحسب المصادر ان مفتاح هذه الإصلاحات يجب ان يكون معالجة أزمة الكهرباء التي أصابت الخزينة اللبنانية بالعجز، وفي حال لم يتم هذا الأمر فإن كل ما ستقوم به الحكومة اللبنانية من إصلاحات سيبقى ناقصاً ولا يفي بالغرض المطلوب.
ومن المواضيع التي سيثيرها الوزير الفرنسي بحسب المصادر حث الحكومة على إقناع «حزب الله» بإعادة النظر في تموضعه، لأن العالم بأسره ينظر على ان الحزب يقوي دعائم المحور السوري - الإيراني وهذا لا يُساعد على الإطلاق في اتخاذ المجتمع الدولي أي قرار يُساعد لبنان على الخروج من أزماته، لا بل على العكس إن استمرار الوضع على حاله اليوم سيزيد الأمور تعقيداً وسيجعل العالم كلّه يقفل نوافذه التي ما تزال إلى الآن مفتوحة إلى حدّ ما تجاه لبنان، وتؤكد المصادر ان لودريان سيثير أيضاً طرح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي حول الحياد، حيث سيؤكد ان فرنسا مؤيدة إلى أبعد الحدود هذا الطرح الذي في حال أخذ طريقه إلى التنفيذ سيوفر على لبنان الكثير من المشاكل، وسيساعد على حل أزماته المختلفة، وأن ما سيقوله وزير الخارجية الفرنسية لا يأتي من عندهياته، بل انه يحمل تكليفاً من الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، إذ سبق هذه الزيارة اجتماعات عقدت في الخارجية الفرنسية شارك فيها وكلاء عن وزارات خارجية أميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا، وتركز البحث على القضية اللبنانية من مختلف جوانبها، وقد وضع خلال هذه الاجتماعات بنود جدول محادثات الوزير لودريان مع المسؤولين اللبنانيين.