أعلنت مجموعة محدودة (بسبب "كورونا") من شخصيّات طائفة الروم الملكيين الكاثوليك من مناطق مختلفة، "أنّها عَقدت اجتماعًا في قاعة "أداء"، مشيرةً إلى "أنّها جزء من مجموعة كبيرة من الشخصيّات الدينيّة والمدنيّة، يَجمع أفرادها الهمّ الوطني والإنساني وشؤون تخصّ الطائفة، وهم من غير الحزبيّين، في حضور المطران كيرلس بسترس رمز التواصل والحوار لبعد أفكاره وتجرده، ومطران أبرشية قيصرية فيليبس بانياس ومرجعيون جورج حداد، ليكسبا اللقاء غناه الروحي والإنساني".
وأوضح المجتمعون، في بيان بعنوان "إنهيار محتم، حلول معدومة وتحييد معطل"، تلاه الوزير السابق ميشال فرعون بعد اللقاء، أنّ "سبب الاجتماع العلني الّذي ستتبعه سلسلة اجتماعات ولقاءات وإطلالات أُخرى غير محصورة بأبناء الطائفة، هو المخاطر وخصوصًا الطارئة منها، الّتي تحدق بلبنان والّتي تَحتاج إلى تشاور عميق وأخذ المواقف المبدئيّة الجريئة والصريحة والشفّافة والمسؤولة والشجاعة، إذ انّ المرحلة الّتي يرافقها يأس وقلق وألم عند كلّ أم في لبنان لم تعد تحتمل تدوير الزوايا والتسويات والتنازلات في الأساس رغم الحاجة الدائمة إلى آليّات تطبيق ليَنة تحفظ السلم الأهلي".
وذكر فرعون من هذه المخاطر:
"1- انهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق يطال الطبقة الوسطى من اللبنانيّين ويهدّد كرامة عيشهم وعائلاتهم ووطنهم.
2- تدهور غير منقطع في فرض سيادة الدولة وهيبتها وأخذ قراراتها على أكثر من صعيد، وآخرها في فقدان سيادة عملتها الوطنيّة.
3- جرّ البلاد إلى الصراعات الإقليميّة الّتي تعصف بنا ومحاولات إصطفاف الشرعيّة، ما يهدّد بتحويل لبنان مرّةً جديدةً ساحة لحروب الآخرين.
4- سوء استعمال السلطة منذ سنوات وتفشّي منطق الترغيب والترهيب كأداة للحكم ونتيجته الفساد المستشري وانهيار الاستقرار المالي والسياسي، بالإضافة إلى ضغط غير مسبوق على جسم قضائي تتضاءل مساحة إستقلاليّته ومصداقيّته للمسثمرين.
5- سقوط الصفة التمثيليّة الشعبيّة للحكومة وعجزها عن تطبيق أي إصلاح.
6- ارتجاج التسوية الرئاسيّة وسقوط التحالفات السياسيّة الّتي أسّست للانتخابات النيابية، وبالتالي سقوط شرعيّة المجلس النيابي السياسيّة، وإتساع الهوّة بين اللبنانيّين ومؤسّساتهم الدستوريّة.
7- سوء تفاهم أقطاب السلطة حول التعامل مع الخارج وضرب علاقات لبنان مع أصدقائه التاريخيّين والدول الّتي ساعدته ووقفت إلى جانبه.
8- بروز طروحات خلافيّة مجدّدًا مثل الفيديرالية وغيرها من الأفكار، الّتي لا تتّفق مع جوهر لبنان وتاريخه وهويّته وصورته.
9- ظهور دعوات إلى توجّهات قد تمسّ بهويّة لبنان العربيّة، كما أكّدها "اتفاق الطائف" وبعلاقاته التقليديّة والتاريخيّة مع الغرب.
10- سعي الشباب غير المسبوق إلى الهجرة النهائيّة، وهي ظاهرة لم يشهدها زمن الحرب.
11- انهيار النظام المصرفي أحد اعمدة الاقتصاد الوطني واحتجاز أموال المودعين اللبنانيّين والأجانب.
12- وقوع جميع القطاعات الاقتصاديّة والتجاريّة في عجز وإفلاس وصولًا إلى الإقفال، في ظاهرة أيضًا لم يعرفها البلد زمن الحرب.
13- انهيار غير مسبوق منذ نحو مئة عام في النظام التربوي والمدارس الخاصة، والكاثوليكيّة منها على وجه التحديد، وهو انهيار يهدّد وجه لبنان الثقافي.
14- تدهور الوضع الاستشفائي بما يمسّ النظام الصحّي عمومًا.
15- غياب الحلول الواضحة عبر خريطة طريق تتضمّن إصلاحات وخطوات مستقبليّة واضحة.
16- انعدام الحوار الوطني وعدم تطبيق قرارات طاولة الحوار وإعلان بعبدا ووقف البحث حول الاستراتيجيّة الدفاعيّة".
وركّز على أنّ "نظرًا لخطورة هذه الأزمات، وما يستتبعها من انهيارات قد تتفاقم نتيجة عدم المعالجات المطلوبة والابتعاد عن البحث في تطوير طروحات الحلول الطارئة والمستدامة، ومنها جعل لبنان مركزًا لحوار الحضارات والثقافات والأديان، أو التأكيد على تحييد أو حياد لبنان، يؤكد المجتمعون المسائل التالية:
1- التأكيد على عروبة لبنان وعمق تاريخه الّذي لا يتضارب مع استقلاله، وعلى دوره صلة وصل بين الغرب والشرق، هذا الدور يمكن تجسيده مؤسّساتيًّا عبر العمل على تنفيذ مشروع لبنان بلد حوار، وهو طرح تأسّس في حضن المجلس الأعلى لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك في عام 2007، وتبلور إلى مشروع تقدّمنا به لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الّذي طرحه في هيئة الأمم قبل أن يقرّ على يد رئيس الجمهورية ميشال عون. كما أنّ عروبة لبنان هي من ثوابت طائفة الروم الملكيين الكاثوليك الكنيسة الرسوليّة المشرقيّة ذو الإمدادات في الدول العربية.
2- الاستهجان من عدم دعوة أي شخصيّة من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك إلى اجتماع حواري وطني، مهما تكن ظروفه أو نتائجه.
3- ضرورة اعتماد نظرة جديدة إلى أداء الحكم. فالمتغيّرات الّتي أتت على حساب الناس باتت تفرض التساؤل عن طريقة الوصول إلى السلطة ومتابعة الأداء، وملاحقة الشبهات الّتي رافقت وترافق ممارسات بعض المسؤولين أو قرارات مربوطة بصفقات دون حسيب، فالمساءلة والمحاسبة أصبحتا واجبًا أخلاقيًّا ووطنيًّا وديمقراطيًّا.
4- ضرورة التزام آليّة للتعيينات في الدولة، تؤمّن وصول أصحاب الكفاءة والنزاهة مع احترام مشاركة جميع المكوّنات اللبنانيّة في الإدارة.
5- احترام لبنان جميع القرارات الدولية، وقرارات جامعة الدول العربية، ومقرّرات هيئة الحوار مع ضرورة استكمال الاتفاق حول الإستراتيجية الدفاعيّة.
6- البحث في انتخابات نيابية مبكرة تعيد تكوين السلطة بعد حال الاستياء الشعبي وسقوط الثقة بالتمثيل الشرعي الّتي ظهرت في انتفاضة اللبنانيّين في 17 تشرين الاول 2019، وبعد سقوط التفاهمات الّتي أدّت إلى تلك النتائج في الانتخابات الأخيرة.
7- تشجيع اللبنانيّين على المشاركة في الحياة السياسيّة والانخراط في الآليّات الدستوريّة الوطنيّة والمحليّة، والمشاركة في الانتخابات النيابية بدل الامتناع عن التصويت.
8- تطبيق اللامركزية الإدراية الموسّعة الّتي أقرّها "اتفاق الطائف"، ورفض الطروحات الفدراليّة البعيدة عن صيغة لبنان.
9- عدم صواب التعميم والتوزيع العشوائي لمسؤوليّة الفساد والانهيار، لأنّ التعميم يضيّع المسؤوليّات ويحمي المرتكبين. فهناك مسؤوليّات قانونيّة واضحة ومنها تخصّ احتجاز الأموال، ومسؤوليّات سياسيّة، ومسؤوليّات معنويّة وصولًا إلى المسؤوليّات الجزائيّة على مرتكبي الفساد، على مبدأ الحساب والعقاب.
10- ضرورة إعادة بناء الثقة بين لبنان وعمقه العربي وصداقاته الغربية دون انقطاع، ما يُعتبر خطوة على طريق تنفيذ تحييده الميثاقي والنأي بالنفس وتطبيق إعلان بعبدا على طريق حياد لبنان.
11- تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بإشراف سلطات دستوريّة تكتسب شرعيّتها من التزامها الدستور والقوانين، وتنفيذ جميع بنود الوفاق الوطني.
أمّا على صعيد طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، فلفت إلى أنّ "المجتمعين تمنّوا من البطريرك يوسف العبسي وسينودس مطارنة لبنان، التزام العمل الدائم لاستقلال القرار اللبناني والأخذ في الاعتبار الخصوصيّة اللبنانيّة في هذه الظروف الدقيقة الّتي يتعرّض فيها لتدخّلات وضغوط متعدّدة. وتساءلوا عن محاولات الإقصاء والاستبعاد ومصادرة قرار الطائفتَين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة تحديدًا، وعن إمكان وجود خطّة لخنق الصوت الوطني الحر المستقل وتحجيم الدور الوطني لهاتين الطائفتين بتواطؤ سياسي".
إلى ذلك، شدّد فرعون على أنّ "الحلول تتطلّب تجنيد الطاقات ومنها القوّة الصامتة والتزام المشاركة في القرارات الوطنية، مع متابعة موضوع حياد لبنان من قبل فريق يعمل إلى جانب الأستاذ أنطوان مسرة في بلورة هذا المشروع، إلى جانب المرجعيّات الوطنيّة المهتمّة بهذا الطرح".