لفت الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأب نعمة الله الهاشم، خلال ترؤسّه قداس الشكر بذكرى شفاء نهاد الشامي في دير مار مارون - عنايا، إلى أنّ "مرّةً جديدةً نتلاقى بذكرى 22 الشهر في عنايا، والأوضاع لا تزال صعبة، فالوباء الّذي كنّا نتأمل أنّه خفّ عاد لينتشر في لبنان بشكل أسرع، ويهدّدنا بصحّتنا ويهدّد أهلنا وأحبائنا".
وركّز على أنّ "الوضع السياسي على تعميم أكثر فأكثر، الوضع الاقتصادي يخيفنا أكثر، وأوضاعنا الاجتماعية مخيفة أيضًا، بالإضافة إلى المشاكل الفرديّة الّتي تواجه الأسر والأفراد، على صعيد الخوف من المستقبل والقلق. كلّنا نعيش أزمات وكأنّها تتراكم، دون أن نرى آفاقًا بشريّة للحل. إنّما الصعوبات لا تدعونا نحن المؤمنين إلى اليأس وانقطاع الرجاء، بل هي فرصة لنا كي نعيش إيماننا بشكل حقيقي".
وأكّد الأب الهاشم، أنّ "هذه الصعوبات والأزمات هي فرصة لنا كي نعيش إيماننا بشكل حقيقي، كي نعيش إيماننا بالآب السماوي. يسوع لم يعلّمنا الهروب ولم يعدنا بأيّام فيها ترف مادي وبحياة من دون أمراض وحروب وصعوبات. بل هو وعدنا بصعوبات واضطهادات وأنّ أيّامنا ستكون صعبة وبشكل مستمر، ولكنّه علمّنا أنّ الآب السماوي هو أب حنون، يعرف خَيرنا وصالحنا، وعندما نسأله يعطينا الأمر الّذي فعلًا نحتاجه والّذي فيه خيرنا الحقيقي".
وأوضح أنّ "الآب السماوي يعطي الروح القدس للّذين يسألون، الّذي يرافقنا بصعوباتنا ويعلّمنا كيف نتحمّلها ونواجهها، مثلما واجه يسوع الألم على الصليب، وحوّله إلى خلاص. يعطينا روح الحكمة لنعرف كيف نواجه الصعوبات، ويعطينا روح التعزية ويشجّعنا ويقوّينا في المشاكل ويجعلنا نعرف كيف نعيشها وكيف نطلب من ربنا أن يحوّلها إلى خير وسلام. الروح القدس يجعلنا نعرف كيف نحوّل الألم الّذي نعيشه إلى خلاصنا وخلاص العالم أجمع، وكيف نترك طرق تصرّفاتنا السابقة".
وذكر أنّه "يسمح للمسؤولين بيننا أن يعرفوا كيف يتخّلوا عن الطرق السابقة الّتي مكانوا يعيشونها"، داعيًا الجميع إلى "التخلّي عن الكذب والسرقة والفساد، الّتي سببت المشاكل الّتي نعيشها اليوم، ولنتحوّل إلى أشخاص جددًا يحيون بالروح القدس. هذه الروح الّتي تجعلنا نسعى ونأمل أنّ لبنان والعالم ممكن بعد كلّ هذه السعوبات، أن يتحوّل إلى مكان أفضل للعيش، نعيش فيه ملكوت الله". ولفت إلى أنّ "هكذا تتحوّل الآلام الّتي نعيشها إلى آلام خلاصيّة، ونعرف كيف نميّز ما المهم في حياتنا، ونتخلّى عن القشور حتّى على المستوى الاقتصادي، وكيف نذهب إلى الأهم والأفضل، وكيف نعيش في العالم حسب إرادة ربنا، ونحضّر لحياتنا في السماء".
كما بيّن هاشم أنّ "هذا ما نطلبه من ربنا وهذا ما أعطانا إياه الآب السماوي. فإذا تعمّقنا بتفكيرنا، سنرى أنّ الآب أعطانا هذه الروح من خلال القدّيسين بيننا، ومنهم مار شربل الحاضر بيننا ليشجّعنا ويقوّينا. كما أنّه أعطانا الكنيسة الأم الّتي تجسّد حضور ربنا بيننا". وشدّد على أنّ "حضور السفير الباباوي ممثّلًا البابا فرنسيس بيننا اليوم، هو نعمة من ربنا، ففي الوقت الّذي نرى تجاهلًا وعدم اهتمام وربّما حصارًا من كلّ العالم لوضعنا في لبنان، نرى أنّ لبنان حاضر دائمًا بصلوات البابا فرنسيس واهتمامه في العالم، ليساعدنا على الخروح من المآزق والمشاكل الّتي نعيشها".
وأشار إلى "أنّنا نرى أيضًا من علامات اهتمام ربّنا بنا، روح التضامن الّتي نراها في المجتمع، وطوق شبيبتنا إلى مجتمع أفضل، وسعينا لتحقيق هذا المجتمع". وركّز على أنّ "بشفاعة مار شربل، كلنّا معًا نسأل ربنا ونطلب منه أن يعطينا الروح القدس من جديد، ليكون معنا ويساعدنا في كلّ المصاعب الّتي نعيشها، ليحوّلها إلى مصاعب خلاصيّة للبنان والعالم".