حتى الساعة ورغم إستمزاج موقف دار الفتوى خلال اربعة لقاءات جمعت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بكل من الوزيرة زينة عكر والرئيس فؤاد السنيورة والنائب نهاد المشنوق ووفد قواتي مثل رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، لم يصدر اي موقف عن دريان او عن دار الفتوى صريح وواضح ورسمي، من مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي عن "الحياد الايجابي".
وإعلانه في الايام الماضية ان الراعي في صدد الدعوة الى حوار وطني، متعلق بمبادرته ولشرح مقاصدها واهدافها، وانها لا تستهدف طرفاً لبنانياً بعينه وبمعنى اوضح انها لا تستهدف "حزب الله" وسلاحه ولا الصراع مع العدو الاسرائيلي.
ورغم صدور موقفين واضحين من الرئيسين سعد الحريري والسنيورة عن الحياد وتأييد دعوة الراعي، لا يزال الصمت والارتباك يسودان الطائفة السنية في لبنان، والتي تعتبر ان اي طرح له صيغة سياسية او ميثاقية او متعلق بالنظام السياسي في هذا التوقيت مقلق ويستدعي دراسة متأنية.
وتكشف اوساط علمائية مقربة من دار الفتوى لـ"الديار"، ان موقف المفتي سيتم تظهيره على الارجح في خطبة عيد الاضحى المبارك الجمعة المقبل، او خلال إجتماع الشهري الدوري للمجلس الشرعي الاعلى والذي ينعقد عادة في آخر سبت من كل شهر. وهذا السبت يصادف العيد المبارك وبالتالي قد يكون الاجتماع للمجلس السبت المقبل اي بعد اسبوع من العيد. وقد يتضمن الموقف الصادر عن المجلس رأي واضح عن "الحياد" وموقع لبنان.
وتؤكد الاوساط ان لا مصلحة لبنان ان يكون جزءً من اي محاور اقليمية او دولية، ولا بديل من العلاقات الطيبة مع المحيط العربي والدول الخليجية وان لا يجب على لبنان او اي فريق لبناني ان يُدّفع كل البلد ثمن سياسات وممارسات.
وتشير الاوساط الى ان دار الفتوى هي لكل المسلمين وبطبيعة الحال تُغلّب المصلحة الوطنية على ما عداها وهي ايضاً لن تكون في محور ضد محور وهي لا تعمل بالسياسة ولا اجندة لها في هذا الإطار.
في المقابل تشير اوساط سياسية سنية وقريبة من "تيار المستقبل" لـ"الديار"، الى ان القول ان لا موقفاً رسمياً للطائفة السنية ليس في محله، فموقف الرئيس السنيورة واضح وهو يمثل كل السنة باستثناء سنة 8 آذار، وان السنة يؤيدون الحياد ويدعون اليه كما ايدوا "إعلان بعبدا" والنأي بالنفس وكانوا مع تطبيقهما بالكامل ومن دون اية تحفظات ولا سيما ان "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"حركة امل" وافقوا عليهما جميعاَ.
وتنتقد الاوساط بصراحة تامة الممارسات التي يقوم بها العهد وصهره الوزير جبران باسيل لجهة تكريس اعراف مخالفة للدستور وزج لبنان في صراع المحاور والاستمرار بتغطية وظيفة سلاح "حزب الله" الداخلية والاقليمية.
وتقول ان من يعارض الحياد، عليه ان يقدم البديل، وان يخفف من الالتفاف على الميثاقية والمناصفة وان يمنع تمرير صيغ جديدة مثالثة ومرابعة وتضرب اتفاق الطائف.
وتؤكد الاوساط ان الطائفة السنية مع عروبة لبنان واستقلاله، ولا تقبل التفريط بالطائف ولا بالسلم الاهلي، وتعتبر ان ربط مبادرة الراعي عن الحياد بضرب اتفاق الطائف، تخويف للسنة ودفعهم الى رفضها.
في المقابل تؤكد معلومات ان هناك اصواتاً داخل الطائفة الاسلامية بجناحيها السني والشيعي ومنهم علماء دين ومرجعيات، تدعو الى التريث في اي مقاربة او رد لمبادرة الراعي عن "الحياد" لكونها باتت مصدر قلق من تحولها الى مبادرة انقسامية وتوتر اعلامي وشعبي وربما انقسام اسلامي- مسيحي.
والبلد في غنى اليوم وفي اللحظة الراهنة عن اي توتر طائفي من هذا النوع.
وتطرح هذه الاصوات ضرورة الدعوة الى قمة روحية او لقاءات دينية ثنائية او ثلاثية للنقاش الهادىء في ملف "الحياد" من جوانبه كافة وامكانية تطبيقه الفعلية لا النظرية.