من يراقب مواقع التواصل الإجتماعي، بشكل أساسي، يلاحظ أن أسئلة البيئة الشعبية لـ"الثنائي الشيعي"، أي "حزب الله" و"حركة أمل"، تزداد يوماً بعد آخر نتيجة تردّي الأوضاع الإقتصاديةوالإجتماعية، لا سيما بعد أزمة المحروقات التي كانت قد شهدتها القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية في الاسبوعين الماضيين، الأمر الذي بات من الضروري التوقف عنده من قبل قيادة هذا الثنائي.
طوال الفترة الماضية، سعت قيادة الجانبين للبحث عن أيّ وسيلة لتفادي تزايد الأصوات المطلبيّة التي ترتفع، من خلال تقديم التطمينات اللازمة، والتي كان أبرزها المعادلة التي أكّد عليها أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، أي عدم الوصول إلى مرحلة الجوع، لكن في المقابل هناك أمور أخرى لم يتم معالجتها أو مقاربتها بشكل جدّي.
أخطر ما تلمسه القيادتان، في الوقت الراهن، هو الإتهامات المتبادلة، في بعض الأحيان، بين الجمهورين، لناحية المسؤولية عن الواقع الراهن، وهو ما دفعهما إلى اتخاذ قرار بتأسيس منصة إلكترونيّة لتفادي الحملات التي تحصل على مواقع التواصل الإجتماعي، نظراً إلى قناعتهما بوجود حسابات وهمية مشبوهة تقف خلفها، وكان البيان الأبرز الصادر عنها هو الذي جاء على اثر إعلان عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص عن إصابته بفيروس كورونا، بعد أن كان قد التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري قبل نحو يومين.
في التبريرات الأساسية التي تقدم إلى الجمهور، هو أن ما يحصل من مسؤولية الدولة اللبنانية وأجهزتها الرسمية وعدم إمكانية الحلول مكانها، بالتزامن مع التأكيد بأن ليس هناك أي غطاء حزبي لأي مرتكب أو محتكر أو مستغلّ، إلا أنّ ما يجب التنبّه إليه هو أن هذا الجمهور ينظر إلى الحزب والحركة على أساس أنهما مسؤولان عن معالجة الواقع الصعب، وبالتالي إيجاد حلول لكل ما يواجه البيئة الشعبيّة التي تحملت وتتحمل الكثير من الضغوط، نظراً إلى أن تأمين مقوّمات صمودها عنوان أساسي في أي معركة يخوضانها.
هذا الواقع ليس بالجديد، بل هو يتعلق بأداء الفريقين على المستوى الرسمي، سواء في المجلس النيابي أو الحكومات المتعاقبة، بدليل الأصوات التي ارتفعت في الإنتخابات النيابية الماضية، في وجه مرشحي الفريقين، خصوصاً في منطقة بعلبك الهرمل، فعملياً داخل كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية التحرير" هناك، على الأكثر،7 نواب يمارسون دوراً تشريعياً بارزاً، بينما يغيب الباقون عن ممارسة أي دور من الناحية العملية.
ما تقدم، لا يعني أن هذا الجمهور لديه، كما يتمنى البعض في الداخل أو الخارج، أزمة مع المشروع السياسي العام أو الخطاب المتعلق بالمقاومة ودورها، بل على العكس من ذلك هو يظهر تماسكاً كبيراً على هذا الصعيد، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل ما يعانيه على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، لا سيما أن ما يحصل في المناطق المحسوبة عليه أخطر مما يحصل في مناطق أخرى، في حين أن المبرّرات بأنّ هذه الأزمة العامّة تشمل جميع اللبنانيين تبدو غير مقنعة على نطاق واسع.
في المحصّلة، ما يطالب به جمهور الثنائي الشيعي لم يعد من الممكن التعامل معه على أساس أن المعالجة من الممكن أن تكون عبر الخطابات أو الوعود التي لا تترجم على أرض الواقع بالشكل المطلوب، بل بات يتطلب خطوات عمليّة كبيرة تساهم في الحدّ من تداعيات الأزمتين الإقتصادية والإجتماعية.