بين حقول ألغام النفايات والمطامر تسير حكومة حسان دياب وكأن من فيها نسي ما الذي حصل شعبياً في العام 2015 بعد إقفال مطمر الناعمه قبل تأمين البديل، أو كأن من يجلس على طاولتها لا يقدّر حجم الإنفجار الذي يمكن أن يقع بمجرد عودة جبال القُمامة الى الشوارع والأحياء السكنية لا سيما المكتظة منها.
تأجيل ما بعده تأجيل وتخبط ما بعده تخبط، عنوانان يختصران هروب الحكومة الحالية الى الأمام في ما خصّ ملف النفايات الصلبة وكيفية معالجتها والتخلص منها.
صحيح أن الملف شائك ومعقد بفعل التطييف والمذهبة، وصحيح أيضاً أن الحل المستدام يحتاج الى بنى تحتية ومعامل فرز وتسبيخ وإعادة تدوير والى طرق حديثة للتخلص من العوادم، وصحيح أيضاً أن الحكومة ورثت عن سابقاتها المشكلة، لكن الأصحّ أيضاً أنها لم تفعل شيئاً جديداً بعد وأن نهجها لم يختلف أبداً عما شهده اللبنانيون من خطط وطنية تبقى دائماً حبراً على ورق.
الإنفجار الأول بدأت ملامحه بالظهور من مطمر الكوستابرافا ومعمل العمروسية أي من النطاق البلدي لبلدية الشويفات حليفة الضاحية. بلدية الشويفات اعطت الحكومة بالتكافل والتضامن مع إتحاد بلديات الضاحية الجنوبية مهلة تنتهي مع نهاية تموز لتأمين بديل عن الكوستابرافا لنفايات بعبدا وبيروت والشوف وعاليه، على أن يسمح فقط إبتداء من شهر آب بدخول الشاحنات التي تقل نفايات الضاحية والشويفات الى المطمر، وبدلاً من أن يصل الى قدرته الإستيعابية القصوى بعد سنة وأربعة أشهر، يبقى بخدمة المنطقتين المذكورتين لثلاث سنوات إضافية. قرار الإقفال بدأ تنفيذه خلال الساعات القليلة الماضية، وقد منعت شاحنات شركة سيتي بلو الآتية من خارج الضاحية والشويفات من دخول معمل العمروسية، وهنا يتوقع المتابعون ان تبدأ الأزمة فعلياً في بيروت وبعبدا بدءًا من الثلثاء، أي بعد عودة الذين تركوا المدن وإنتقلوا الى القرى والأرياف خلال فترة الإقفال وعيد الأضحى، على ان تنتقل الأزمة تباعاً الى عاليه والشوف. كل ذلك من دون ان نشهد تحركاً إستثنائياً لوزارة البيئة او لرئاسة الحكومة.
أما الإنفجار الثاني، فمن المتوقع حدوثه مع بداية تشرين الثاني المقبل وضمن اقضية كسروان والمتن وبيروت. ففي السادس من أيار الفائت، وبعد وصول مطمر الجديدة المخصص لنفايات كسروان والمتن وجزء من بيروت الى قدرته الإستيعابية، طلب وزير البيئة دميانوس قطار من مجلس الوزراء مهلة ثلاثة أشهر كي ينجز خطته الخاصة بمعالجة النفايات الصلبة. يومها قررت الحكومة رفع طمر النفايات في مطمر الجديدة لمتر ونصف المتر. المساحة التي رفع الطمر فيها تبلغ 78 ألف متر مربع، وقد تم إستعمال نصفها منذ ثلاثة أشهر ما يعني أنها لا تزال قادرة على إستقبال النفايات فقط لثلاثة أشهر إضافية. أيضاً وأيضاً من دون أن تحرك وزارة البيئة ساكناً ولا حتى رئاسة الحكومة. في المتن هناك معارضة لتوسعة المطمر أو لرفع الطمر مجدداً به تفادياً لإستحداث جبل نفايات بدلاً من جبل برج حمود الذي أزيل في عهد الحكومة الماضية، وبالتالي ترك الأمور على ما هي عليه حتى حلول شهر تشرين الثاني يعني عملياً أزمة نفايات في شوارع المتن وكسروان وبيروت.
فهل تهوى هذه الحكومة إنفجار الأزمات بوجهها؟ أم أنها غير قادرة على إيجاد حل لذلك تعتمد التأجيل؟ وهل تأخذ بعين الإعتبار أن ملفاً كهذا لا يحتمل التأجيل أبداً خصوصاً في زمن يغلي الشارع فيه بسبب الإنهيار المالي والإقتصادي الحاصل، وبسبب ما فرضه فيروس كورونا من إقفال لمؤسسات ومن أوضاع نفسية وصحية سيئة لدى الناس؟.