احتفل العالم، الخميس، في 30 تمّوز الماضي، بـ"اليوم العالميّ لمُكافحة الاتجار بالبشر". واحتفالاً بالمُناسبة، نظّمت "الأُمم المُتّحدة"، فعاليّةً افتراضيّةً رفيعة المستوى، سلّطت من خلالها الضّوء، على "الأَدوار الحاسمة لمجموعاتٍ مُختلفةٍ من النّاس، المُنخرطين في الاستجابة للاتجار بالأَشخاص، وبخاصّةٍ في سياق الاستجابة العالميّة لجائحة "كوفيد–19".
وثمّة سعيٌ الآن، إِلى "تحديد ضحايا الاتجار بالبشر"، ودعمهم، وتقديم المشورة إِليهم، والسّعي إِلى تحقيق الانصاف لهم، والحدّ من إِفلات المُتاجرين بالبشر من العقاب.
ونظّم الفعاليّة الافتراضيّة، مكتب الأُمم المُتّحدة المعنيّ بالمخدّرات والجريمة، وبعثة جمهوريّة بيلاروس في الأُمم المُتّحدة، نيابةً عن مجموعة "أَصدقاء مُتّحدون ضدّ الاتجار بالبشر". فما هو الاتجار بالبشر؟.
"الاتجار بالبشر"، هو "انتهاكٌ من دون رحمةٍ لحُقوق الإنسان، ويتضمّن المُتاجرة بحياة البشر، وبيعها واستغلالها، وحجز حريّتها وإِهانتها بطبيعة الحال"...
مِن وَجع النّاس وفقرهُم، تتسلّل المُتاجرة بحياتهِم، فيُضحي إذّاك الفقر طعمًا، في يد مُستغلّي البشر، ليُوقِعوا فيه أَكبر عددٍ مِن الضّحايا... ومِن هُنا يبدأُ الاستغلال، ليُغذّي شهوة الجشع والطّمع لدى المُتاجرين بحياة البشر...
عجزٌ دوليٌّ
ما مِن دولةٍ في العالم، استطاعت أَن تُحصّن نفسها بالكامل من الإتجار بالبشر. كما وأنّ بسبب العَوَز، يُضحي مصير ملايين الأَرواح "على المحكّ"... وإذا كان الاتجار بالبشر موجودًا مُنذ مئات السّنوات... فالفقر والحاجة يزيدان عدد الضّحايا، ويوسِعان رقعة انتشار هذه الجريمة في المُجتمع!.
وحين نتحدّث مثلاً عن "مُهرّبي البشر"، لا بُدّ مِن الإِشارة إِلى أَنّ هذه الجريمة تمتاز بصفة "القبول"، أَي أَنّ تهريب الأَشخاص يتمّ وَفقًا لرضاهُم ولإِرادتهِم، ولو أَنّ ظُروف هَؤُلاء القاهرة والصّعبة هيّ السّبب. غير أَنّ هذه الجريمة، يُمكن إِدراجها تحت توصيف "الاتجار بالبشر" إِذا ما ارتبطت بالإِكراه والاستغلال...
وغالبًا ما يتمّ احتجاز البشر، بعد تهريبهُم من بلدٍ إِلى بلدٍ، إِمّا في شكلٍ طوعيٍّ أَو عن طريق الإِكراه، وإِجبارهُم على العمل لمصلحة المُهرّب، وغيره من المُستغِلّين.
مردود العمالة القسريّة
ووَفقًا لـ "منظّمة العمل الدّوليّة"، يبلغ مردود العمالة القسريّة، وهي أَحد أَنماط الاتجار بالبشر، حوالى 150 مليار دولار من الأَرباح سنويًّا، ابتداءً من العام 2014.
وكانت "مُنظّمة العمل"، قدّرت خلال العام 2010، وجود 21 مليون ضحيّة تقريبًا، من ضحايا ما يُعرف بـ"العُبوديّة الجديدة"، وتم استغلال حوالي 14.2 مليون نسمة بالعمل القسري، بينما استُغلّ 4.5 مليون نسمة جنسيًّا، وأُحصي عدد 2.2 مليون نسمة ضمن مُختلف أَنواع السُّخرة. وفي غالب الأَحيان، يكون الفقر سببًا لتنفيذ هذه الجرائم في حقّ الإنسانيّة...
وكذلك سَجّلت "مُنظّمة العمل الدّوليّة"، تعرُّض العُمّال من الأَطفال والقاصرين لاستغلالٍ أَكثر تطرُّفًا. وأَظهرت الإِحصائيّات أَنّ حوالي 215 مليون من عُمّال العالم الشُّبّان، وبخاصّة المُنتمين إِلى الأقليّات العرقيّة والجماعات الأَكثر تهميشًا، يشتغلون الآن في عددٍ من القطاعات المحفوفة بالمخاطر، بما فيها إِجبارهُم على ممارسة الجنس، والتّسوّل القسريّ، والأَعمال المُضرّة بالصحّة، متل دباغة الجلود، والعمل في المناجم ومقالع الأَحجار.
ويُعتقد أَنّ "الاتجار بالبشر"، هو "أَحد أسرع أَنشطة الجريمة المُنظَّمة العابرة للحدود نموًّا". ويُعتبر عدد من الدّول، ضمن أَسوأِ الدّول في ما يتعلّق بتوفير الحماية للممارسات المرتبطة بالاتجار بالبشر والعمالة القسريّة.
الفقر والاتجار بالبشر
الفقر والاتجار بالبشر، من المُشكلات الّتي تفرض علينا من الباب الإِنسانيّ، أَن نتعاون معًا، كبشرٍ مُتحضّرين ومسؤولين عن أَخينا وإختنا في الإِنسانيّة، كي نُحاول إنقاذ ملايين البشر، مِن "العُبوديّة الجديدة"، في عالمٍ يُفترض أَنه بات أكثر حضارةً ورُقيًّا... واحترامًا للإِنسان.