لا يُسأل اي مسؤول او قيادي في تحالف "حزب الله" و"حركة امل" و8 آذار عن تقييمه للحكومة، الا ويكون الرد سلبياً ومتشائماً وغاضباً بعض الاحيان. ووفق اوساط بارزة في هذا التحالف كان وضع الحكومة واستقالة الوزير ناصيف حتيّ محل تقييم ونقاش مستفيض خلال اجتماع حزبي مصغر امس لهذه القيادات.
وتقول الاوساط ان حتى رأي "حزب الله" في الحكومة سلبي لجهة الاداء وحسن التصرف والمطالبة بحلول للازمات المعيشية والاقتصادية. وصولاً الى التخبط في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والذي وافق عليه هذا الفريق على مضض، ولكن ليرمي الحجة على الكثير من الحلفاء والخصوم، والذين كانوا يعيرون "حزب الله" انه لن يقبل بالتفاوض مع "الصندوق"، لكن امينه العام السيد حسن نصرالله ابدى كل ايجابية شرط ان لا تُمس السيادة المالية والوطنية للدولة وان لا يكون هناك شروطاً غير مقبولة.
وتكشف الاوساط ان الكفة المرجحة لاستقالة حتيّ، هي محض شخصية وليست سياسية وتم تحميلها اكثر من حجمها. وحتيّ يرى ان لا إمكانية له بالتعايش مع وضع الحكومة الحالي وان رصيده الشخصي لا يحتمل المغامرة به بتجربة حكومية يعتبر انه فشل فيها، وانه مكبل في اتخاذ اي قرار.
وتلمح الاوساط الى ان حتيّ أسرّ الى مقربين منه اكثر من مرة، انه يشعر بـ"ظل" الوزير السابق للخارجية جبران باسيل في ارجاء "الخارجية". اذ "فصّل" الاخير الوزارة على "قياسه" خلال مكوثه فيها وانه "زرع" فريقه الخاص في كل "قرنة" وزاوية في الوزارة لذلك كان يشعر ايضاً ان هذا الامر من الاشياء المكبلة له بالاضافة الى كربجة الحكومة نفسها.
وعن التداعيات المباشرة للاستقالة، تقول الاوساط انها انتهت بمجرد بتها واصدار مراسيم قبول الاستقالة وتعيين البديل سريعاً وهو شربل وهبي والذي له تجربة في "الخارجية" ايضاً ولا "فيتو" عليه من "حزب الله" او اي طرف او مكون في الحكومة، فعدم تعيين البديل كان سيشكل حرجاً ومشكلة، ويفتح باب التساؤلات والاجتهادات وهذا امر غير محمود ويكفي ما يصيب هذه الحكومة من سهام وانتقادات وتجريح.
وتؤكد الاوساط ان ما يطرح عن تعديل وزاري محتمل ويشمل وزيرين اضافيين او ثلاثة وبينهم احدى الوزيرات، ليس مطروحاً. وتكرر ما قيل سابقاً على لسان المكونات الاساسية لفريقنا ان من يريد الاستقالة فهو حر ولا يجب ان يشكل ذلك حرجاً كبيراً فالوقت الصعب وحساسيته لا يحتملان القسمة على اثنين لذلك لا وقت للترف.
وعن التداعيات السياسية للاستقالة وتعيين البديل، وقد يكون واحداً منها، التشفي والانتقاد واستمرار التصويب على الحكومة والدعوة الى رحيلها من قبل المعارضة الداخلية ولا سيما "المستقبل" و"القوات" و"الاشتراكي" بالاضافة الى الاميركيين والاوروبيين والخليجيين كلهم يريدون رحيل الحكومة ولكن هذا الامر لن يتم في الوقت الراهن مهما اشتدت الصعوبات.
وتقول الاوساط ان فريقنا ولا سيما "حزب الله" ليس متمسكاً بالحكومة الى ما شاء الله، لان كلفة بقائها عالية ككلفة رحيلها، ولكن المسؤولية الوطنية تقتضي ان لا يقفز الجميع من المركب وهو يغرق، بل المطلوب ان نحاول إنقاذ البلد من الغرق رغم الكلفة العالية والتضحيات.
وتشير الاوساط الى ان حجم الضغوطات على الحكومة والبلد هائل، وسيزيد في الاسابيع والاشهر المقبلة، ولا انفراجات داخلية متوقعة في ظل حصار اميركي واوروبي وخليجي هائل. وتضيف: وما تحميل رئيسي الجمهورية والحكومة بعض الاطراف الداخليين والخارجيين مسؤولية ما يجري ليس سوى بداية كرة الازمة التي ستكبر كلما يشتد الحصار. اذ ممنوع بقرار اميركي واضح ان يصل الى لبنان دولار واحد.
والمطلوب ان يختنق لبنان وشعبه و"حزب الله" للتسليم بالشروط الاميركية. والتعويل على نجاح التفاوض مع صندوق النقد الدولي مضيعة للوقت. والقرار بات معلوماً عند القوى السياسية كافة المعارضة قبل الموالية، لذلك سيكون هناك دفع لانتاجية حكومية على تواضعها لحل بعض الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية الراهنة بسلسلة اجراءات ستطهر تباعاً منذ يوم الخميس المقبل وبعد جلسة مجلس الوزراء.