"أكبر الإنفجارات غير النوويّة على مرّ التاريخ"..هكذا وصف خبراء الإنفجار في مرفأ بيروت الذي حوّل العاصمة اللبنانية الى مدينة منكوبة.
إنفجار هزّ لبنان في غمرة "المنازلة" الحامية والهجمة المعادية غير المسبوقة على محور المقاومة، وفي ظلّ الحصار الأميركي المطبق على سورية ولبنان والضغوط الهائلة على حزب الله وسط الحراك الأميركي- الإسرائيلي للدفع باتجاه تغيير مهام "اليونيفيل" مُرفقة بحملة داخلية "مشبوهة" في توقيتها تطالب ب"الحياد" وتصوّب بشكل حصري على الحزب وسلاحه، وفي غمرة الإستنفار الإسرائيليّ على الحدود مع لبنان ترقّبا لردّ المقاومة على استشهاد أحد مقاوميه في سورية جرّاء الغارات الإسرائيلية على محيط مطار دمشق الشهر الماضي.. ليخرق هذا الإنفجار كل تلك الوقائع في توقيت شديد الحساسيّة..فهذا بحدّ ذاته كاف لمعرفة المنتفع من هذه الكارثة ومن المقصود اتهامه بها،خصوصا انّ " قرار" إشعال فتيل التفجير جاء بتوقيت مريب، قُبيل صدور اتهام المحكمة الدولية الخاصّة باغتيال الراحل رفيق الحريري، بأيّام قليلة!
قلت "قرار" إشعال فتيل التفجير، استنادا الى تحليل خبراء المتفجّرات للإنفجار وما رافقه. إذ كان القاسم المشترك في تحليلاتهم، انّ انفجار مادّة الأمونيوم –التي كانت مخزّنة في العنبر 12 بمرفأ بيروت بكميّة تحوي على 2750 طنّا من هذه المادّة، لا تنفجر من دون صاعق او قنبلة أو صاروخ، وانفجارها يُحدث دخانا اسود وليس ابيض او احمر، ولا يتسبّب بهزّة ارضيّة كما حصل، والتي سُجّلت على مقياس ريختر ب درجات!..4,5
فهل يعود سبب الإنفجار الى تقصير وإهمال "مقصودَين" من قِبل جهات داخليّة كانت نافذة في الحكم حينها ومعروفة بارتهانها لأجندات معادية، ام انّ فرضيّة حدوث "خرق" معادي للتسبّب بالكارثة هي الأكثر ترجيحا؟
هل حصل الإنفجار بفعل قصف صاروخ يورانيوم منضّب؟ وما صحّة المعلومات التي لفتت الى وقوف طائرة درون وراءه، بعد توثيق فيديوهات لمشهد إلقاء الطائرة جسما غريبا قبل الإنفجار الأوّل بخمس دقائق- كما زعمت وكالة رويترز؟
ولماذا تمّ التغاضي عن هذه الشّحنة التي تمّ ركنها في العنبر 12 منذ العام 2014 حتى اليوم؟ رغم مطالبات وتقارير عديدة حذّرت من كارثة إبقاء هذه الشحنة في المرفأ وخطورتها الهائلة على العاصمة؟ من كان يدفع أجرة تخزينها في العنبر المذكور على مدى 6 سنوات؟
هنا حريٌ بنا التوقّف بتمعّن امام تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو المعروف بعدم قدرته على ضبط ايّ كلام يتفوّه به، وإطلاقه مواقف "دون تجميل" مهما كان وقعها..فهو قال في مؤتمر صحفي غداة الإنفجار " إنّ سببه هجوم بقنبلة"، والتقيت عددا من الجنرالات ويعتقدون انّ الإنفجار لم يكن طبيعيّا"..كلمات كانت كافية لدفع مسؤولين في الكونغرس للمسارعة الى "تكذيب" ما ورد على لسان رئيسهم، ما أجبر ترامب على التراجع عن تصريحه ودحض واقعة الهجوم!
ما كان لافتا، هو تلميح وسائل اعلام ايرانيّة الى "تورّط اسرائيلي بانفجار بيروت".. ففيما ذهبت وكالة أنباء "فارس" الرسميّة للإشارة الى ما اعتبرته" اصابع اسرائيل الخفيّة وراء كارثة بيروت"، وأنّ عمليّات تحليق لطائرات "اسرائيلية" تكرّرت فوق المنطقة في الأسبوع الأخير.
واستندت الوكالة الى افادات شهود عيان في المنطقة المُستهدفة، أكدوا مشاهدتهم طائرة او طائرتَين حربيّتَين كانتا تحلّقان فوقها قُبيل حصول الإنفجار..أوضحت وكالة "مهر" من جهتها، انّ صورا راداريّة اظهرت عمليّة استطلاع غير عاديّة أجرتها 4 طائرات تجسّس تابعة للبحريّة الأميركية قرابة الساحل اللبناني والسوري، مشيرة الى انّ خبراء أمنيّين ربطوا ذلك ب"عمليّة تخريبيّة تخطط لها القوات الأميركية في قادم الأيام"!
.. هذا قبل ان يتمّ التداول بتقرير روسي وُصف مصدره ب "المقرّب من الخارجيّة الرّوسيّة، أكد انّ بيانات موثّقة من الأقمار الصّناعية تُثبت انّ الإنفجار مفتعل، وكشف "انّ هناك صاروخا مجهولا ظهر على راداراتنا في البحر المتوسط واختفى فجأة، ودوّى الإنفجار سريعا"!
المؤكد انه –حين تمّ مصادرة شحنة السفينة القاتلة في العام 2014 كانت الحرب السوريّة في أوجها، حينها تورّطت جهات لبنانيّة معروفة بعدائها للقيادة السورية والمقاومة في لبنان، بدعم الجماعات الإرهابية في سورية وإمدادها بالسلاح وشحنات المواد اللازمة لصنع المتفجّرات.
مع بدء انقشاع غبار الكارثة، باتت المعلومات التي جمعتها مصادر واجهزة امنيّة لبنانيّة حتى الآن تصبّ في اتجاه محدّد..المواد المتفجرّة التي تمّ تخزينها في العنبر رقم12 في مرفأ بيروت، هي نفسها التي تمّت مصادرتها من باخرة "لطف الله2 " التي اكتُشفت وقتذاك في طرابلس، وكانت وُجهتها الجماعات الإرهابية في سورية، وتمّ تحويلها الى مرفأ بيروت، البعيد كليّا عن ايّ سيطرة او نفوذ لحزب الله كما يدّعي الفريق المعادي للحزب.. ولنراقب تصريحات اركان هذا الفريق وداعميه منذ واقعة التفجير، والتي تُجمع على المطالبة ب"تحقيق دوليّ"، وهذا ليس من بنات افكارهم بالطبع.. وهنا بدأت الصورة تتوضّح وتكشف من هو المستفيد من الكارثة التي حلّت ببيروت، ومن هو المستهدف!
ولنراقب حال الإرتياح العارم لدى قادة "اسرائيل" الذين تنفّسوا الصّعداء بعد اسابيع من الترقّب والحذر والإستنفار العسكري والإستخباري على الحدود مع لبنان، بانتظار ردّ حزب الله على استشهاد المقاوم على كامل محسن.. "فقيادة الجيش "الإسرائيلي" ستقرّر خفض حالة التأهّب القصوى في المنطقة الشمالية، بعد الإنفجار الهائل الذي هزّ بيروت، والذي سيحدّ بشكل كبير من قدرة الحزب على التحرّك لتنفيذ ايّ عملية ضدّ اهداف "اسرائيليّة" خلال الفترة الرّاهنة"- هذا ما قاله مراسل صحيفة "هآرتس" للشؤون الأمنيّة ينيف كوفوفيتش..
على الأرجح، لقد أخطأ مراسل الصحيفة العبريّة في تقديره.. فاستنادا الى تأكيد قائد ميداني وُصف ب "رفيع المستوى" في محور المقاومة، فإنّ الرّد على استشهاد المقاوم في حزب الله حُدّد ولن يتغيّر توقيته، وسيكون مفاجئا وغير متوقّع في "مكانه" و"اهدافه".
وإذ المح الى حدث إستراتيجي كبير من البوابة اليمنيّة لم يعد بعيدا سيُشّكل ما يُشبه الزلزال لدى المحور المعادي في القادم من الأيام، اكّد انّ ما يفوقه اهميّة سيكون في "عقر الدّار" الإسرائيلي وفي وجه رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو تحديدا..
الا انّ الأبرز يبقى في ما كشفه مصدر في موقع "انتيليجانس اونلاين" الفرنسي، يرجّح تطوّرات مقبلة "غير مسبوقة" في لبنان، تنسف مخططا خطيرا تمّ الإعداد له للنّيل من حزب الله،"وعلى ما يبدو، هناك "فضيحة مدويّة" تطال الفريق المناهض للحزب، تتعلّق بتخزين "شحنة الموت" في مرفأ بيروت، وتتصدّر من خلاله تل ابيب وانقرة واجهة الأحداث بقوّة في لبنان- حسب اشارته.