في إنتظار المواقف التي سيعلنها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عصر اليوم، والتي ستحدد مسار الامور الذي ستسلكه الاكثرية و"حزب الله" وحلفاؤهما، لم تنقشع غيمة التفجير الضخم الذي هز مرفأ بيروت، ولا زال الالم والحزن والقلق يعتصر قلوب اللبنانيين في ظل الفاتورة الهائلة التي دفعها اكثر من 150 شهيداً واكثر من 5 الاف جريح حتى الساعة والرقم مرشح للزيادة مع استمرار البحث عن 80 مفقوداً يرجى ان يكونوا جميعاً من بين الاحياء.
ويؤكد قيادي كبير في تحالف "حزب الله" و8 آذار ان هذا الحادث على جسامته وضخامته والآثار السلبية الكبرى التي سيخلفها من الناحية البشرية والمادية والاقتصادية والمالية ورغم مرارته وفاتورته العالية، الا انه يشكل بارقة امل وانطلاقة جديدة لطي صفحة الماضي اقله من الدول التي تحاصر لبنان اكان من اميركا وفرنسا والسعودية وصولاً الى كل الدول الاخرى التي تتحرك على روزنامة وساعة الاميركيين والاسرائيليين.
ويقول القيادي ان فريقنا يرى من منظار ايجابي تجاوب الدول هذه مع النكبة والحادثة التي لها اثاراً انسانية واقتصادية وامنية قبل ان تكون سياسية، اي ان المتضرر الاكبر هو الشعب اللبناني وخلفه الحكومة وكل القوى السياسية.
ويلفت الى ان ايجابيتنا وقراءتنا الامور من منظار سياسي منفتح على اي مبادرة انسانية واغاثية غير مشروطة والتعويل على اي بارقة امل لفك الحصار عن اهلنا، لا يعني اننا خائفون او ضعفاء او منهزمون او مستسلمون لاي املاءات او رهانات من اميركا او فرنسا او اي دولة اخرى.
ويشير الى ان بعض القوى الداخلية ولا سيما "المستقبل" ووليد جنبلاط وسمير جعجع يعتقدون ان المناخ مشابه للعام 2005 و2006 وان تفجير المرفأ سيكون "شيك استسلام على بياض"، لـ"حزب الله" ولقوى 8 آذار، وسيخرج رئيس الجمهورية من قصر بعبدا ويسلمهم المفتاح وكذلك رئيسا مجلس النواب والحكومة ويقولوا لهم تفضلوا واعيدوا السيطرة على السلطة وسلموا البلد الى الاميركيين وضعوا على غرار الضباط الاربعة كل قيادات ونواب ووزراء الاكثرية وكذلك احزاب 8 آذار في السجون.
ويؤكد القيادي ان البعض لا يتعلم في لبنان، ولا يتعظ من دورس الماضي، ولا يقرأ المستقبل جيداً، وصحيح انه يرى في ما جرى فرصة للقضاء السياسي على هذه الحكومة وللمطالبة بإنتخابات نيابية مبكرة ولتعديل الكفة السياسية غير الراجحة لفريق 14 آذار المندثر والمبعثر والمهزوم. وربما في السياسة كل الاسلحة متاحة بمعنى المعارضة الداخلية والجهد السياسي الداخلي من خلال البرلمان او الشارع لكن هذا لا يحصل في حالتنا هذه مع استحضار الخارج
واميركا، اذ بدأت اصوات تطالب جنبلاط وجعجع وسعد الحريري وكذلك رؤوساء الحكومات السابقين بلجنة تحقيق دولية وبقضاء دولي لاجراء التحقيق في تفجير المرفأ علماً ان كل من ذكروا تعاقبوا هم مباشرة او اتباعهم ورجالهم على السلطة والحكومة والوزارات والقيادات الامنية المعنية بالمرفأ والمطار والمعابر.
فمن يعود الى الوراء وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل 15 عاماً و6 اشهر، يذكر ان اول الوافدين كان الرئيس جاك شيراك وبعده بدأت المرحلة السوداء والاغتيالات وصولاً الى المحكمة الدولية وما تلاها من احداث وانقسامات.
واليوم وبعد تفجير المرفأ يطل برأسه الرئيس الفرنسي مجدداً ايمانويل ماكرون وفي طيات زيارته شق انساني ايجابي رغم رهنه بمعزوفة الاصلاح وابتزاز الحكومة والاكثرية بالمساعدات المرسلة، الا ان الهدف غير المعلن هو إعادة لمّ شمل المعارضة او "صقور" 14 آذار في قصر الصنوبر وهذه "اللمة" استبقها جنبلاط وجعجع و"المستقبل" والرؤساء السابقون للحكومة بلجنة تحقيق دولية وبتدويل الازمة على غرار ما جرى في موال المحكمة الدولية والتي تم تأجيلها بسبب الاوضاع، ولأن صدورها غداً لن يكون له "الرهجة" السياسية والاعلامية المطلوبة ولانه ملف قابل للابتزاز وللتدويل ولبقاء الصراع على اشده في لبنان.
ويشير القيادي الى ان بقدر ما هناك حرص على البلد ومصلحة الناس والسعي للخروج من الازمة، ولا سيما تداعيات تفجير المرفأ بقدر ما سنواجه بحزم وشدة وبكل الوسائل المتاحة اي محاولات للانقلاب على الاكثرية او جر البلد الى نزاع داخلي او تدويل الازمة سياسياً وقضائياً وامنياً وحتى عسكرياً. فالظروف التي كانت سائدة في العام 2005 و2006 غير التي نعيشها اليوم، وفي وقتها ربما كان هناك ما يخاف عليه فريقنا، ولا سيما منع الفتنة ولم الشمل والوحدة الوطنية ومع تغليبه اليوم الى اقصى الحدود والتمسك بهذه المعايير ولكن هذا لا يعني التغاضي احياناً، سكوتاً او ضعفاً.