أكد السفير الروسي الكسندر زاسبكين، إدراكه "لحجم الكارثة الوطنية التي اصابت لبنان وشعبه، ولا بد أن نتحمل جميعنا هذا العبء، والعمل على ازالة آثار هذه الكارثة، رغم أن الارواح لا تعوض ولا نستطيع أن نعيد عقارب الساعة الى الوراء"، منوهاً بأن "المستشفى الميداني وفريق الطوارىء الروسي سيبقيان في لبنان حسب متطلبات الوضع، خصوصا وأن هناك مستشفيات لبنانية توقفت عن العمل جراء تضررها من انفجار المرفأ".
ولفت زاسبكين إلى أن "التضامن بين الجميع هو طبيعي وواجب اخلاقي وانساني. ونتمنى أن ينكسر الحصار لأن السياسة الأميركية في الفترة الأخيرة كانت سلبية تجاه السلطة والعهد والحكومة، وإذا حصلت إعادة نظر يكون أفضل، لكن أنا أشك في ذلك". واعتبر أنه "من السابق لأوانه الاستنتاج والتحدث عن التداعيات الطويلة الأمد لما حدث، خصوصا وأن هناك آراء أخرى، والغضب طبيعي تجاه من يتحمل المسؤولية".
كما أعرب عن "اعتقاده بأن الأجهزة الامنية اللبنانية قادرة على القيام بالتحقيق في انفجار المرفأ، وكل شيء متوفر لها، وما حدث واضح، ونحن لا نرفض أي احتمال، ولكن ما حصل في المرفأ هو واضح بنسبة 90 في المئة أو أكثر، ولا يتطلب جهدا فوق العادة. خصوصا وأن التكاليف باهظة وتستمر لسنوات وخطر تسييس هذا الموضوع، ونحن نعرف أنه خلال السنوات الأخيرة النشاطات الأميركية- البريطانية في المنصات الدولية تشير إلى أنه من خلال عمل جهاز معين يتم تحقيق الأهداف السياسية الكبرى، كما حصل في منظمة حظر السلاح الكيميائي، وبالتالي ندعو من يطالب بهذه المسألة عدم تسييس الموضوع واستغلاله داخليا لمآرب سياسية. ومن يدعو إلى محكمة دولية يبدو أن لديه مواقف أخرى لتدويل الحالة اللبنانية، ونحن نرفض هذا المبدأ ولا نريد أن يكون هناك أي شيء ضد السيادة اللبنانية. فليكن تعاون ودعم انساني من دون تسييس".
وأكد زاسبكين انه "في حال طرح موضوع تدويل الأزمة اللبنانية فإن روسيا سترفض هذا الأمر". وأعرب عن اعتقاده بأنه "لا نية لدى اسرائيل أو المقاومة بمواجهات ونزاعات وتبادل ضربات، وكلنا نعرف أن الوضع في الجنوب ممسوك وسيستمر، وهذا حسب المعطيات السياسية المتوفرة لدينا، وأنا استبعد احتمال ضرب اسرائيل لوسط بيروت، كما أن الحديث عن سلاح لحزب الله غير صحيح، هم يريدون استغلال اي شيء يحدث في العالم ضد حزب الله، نحن في روسيا نعاني من مثل هذه المواقف".
ونوه بأنه "إذا أراد الحراك الشعبي اتهام الفئة السياسية التي كانت في السلطة خلال ثلاثين سنة، فهذا منطقي لكن من غير المنطقي نسيان عدة سنوات والانتقال إلى الخمس سنوات الأخيرة وتحميل المسؤولية لفئة دون أخرى. الجميع يعرف أنه يجب التخلص من النظام الطائفي والانتقال إلى دولة مدنية، وهذا هو المخرج للبنان، إلا أن هذا يتطلب وقتا". واعتبر أن "لقاء الأطراف السياسية اللبنانية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ايجابي، والحديث الفرنسي بمجمله كان ايجابيا، ولو أنه غير واضح المضمون للخطوات اللاحقة، خصوصا فكرة انعقاد مؤتمر دولي لدعم لبنان، ويجب أن نرى ما هي مواقف الدول المانحة أثناء هذا المؤتمر، وعندها نرى إذا كانت الأجواء حول لبنان قد تغيرت".
بالتوازي، شدد زاسبكين على أنه "حاليا الوضع تغير نتيجة كارثة مرفأ بيروت، ما شجع الجميع على تعديل موقفه واعتبار لبنان دولة محتاجة"، موضحاً أنه "نحن نعرف تاريخيا أن هناك شروطا تعجيزية من قبل الأميركيين تجاه حزب الله وسلاحه، ولا مجال لتحقيق هذه المطالب في الظروف الراهنة. هناك فرق بين دولة داخل دولة وسلاح المقاومة وكيفية انتقال هذا السلاح الى الدولة، كل ذلك واضح للبنانيين ولكن عندما يطرحون هذا الموضوع كشيء مستعجل يجب حله اليوم، هذا يخلق اشكالا.
الدور الفرنسي ركز على أشياء ومشاريع أخرى، ومشاريع اليوم نتيجة المؤتمر الجديد، هل سيكون هناك تحرك ايجابي، النتائج سنعرفها بسرعة، وأتمنى أن تكون ايجابية لكي تتراجع كل هذه الشروط التعجيزية، ويمكن العمل على أساس بناء".
وأكد أنه "نرحب دائما بحكومة وحدة وطنية، وهي دائما أفضل من أية حكومة أخرى، ولكن الخلافات تحصل حتى داخل الحكومة الوطنية، أما أن تكون حكومة تكنوقراط وغير مسيسة فهذا صعب لأنها تبحث وتتخذ القرارات حول القضايا السياسية.
المهم التغيير نحو الأفضل للبنان والحصول على المساعدات الخارجية، ولكن من دون تجاوز الخطوط الحمر في دور حزب الله وسلاحه. بالنسبة لنا أي توتير للبنان مرفوض، وقد رأينا ما حدث في العراق وسوريا وليبيا، والأميركي لم يحقق كل أهدافه. الأميركيون نشطون لكن فليتواضعوا قليلا ويعملوا مع الجميع، كي لا ينزلق لبنان إلى الكارثة والفوضى التي نخاف منها جميعا".
وعن تأثير انفجار المرفأ على الاصلاحات والتحقيق المالي الجنائي، أشار زاسبكين بأنه "أنا لا أفهم جيدا إن كان هناك خطة جيدة وصحيحة للاصلاحات، أنا أفهم ان الهدف الاستراتيجي لهذا البلد الانتقال إلى دولة مدنية والتخلص من الطائفية، واستغرب عدم وجود خطة جيدة للتطبيق. ومن الجيد التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولكن تصوير وكأن هناك مماطلة من قبل اللبنانيين، لا أفهمه. قد يكون هناك سوء تفاهم حول مصطلح معنى الاصلاحات، اعتقد انه يجب الانتقال إلى تطبيق مشاريع سيدر وغيره من المؤتمرات، ما يمكن أن يساعد في نهضة لبنان".
وأعرب زاسبكين عن أسفه لمغادرته "خلال هذه المرحلة الصعبة جدا". وأعلن انه كان يفضل البقاء في لبنان، مؤكداً أنه "سيعود مرارا وتكرارا إلى لبنان للعمل بشكل أوسع وغير رسمي"، معربا عن محبته للمجتمع اللبناني، ويفتخر بحياته العملية في لبنان".