اشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير حول المواد المتفجرة في مرفأ العاصمة اللبنانية، الى أن متعهدا أميركياً شاهد هذه المواد في عام 2016 إلا أن المسؤولين الأميركيين نفوا معرفتهم بوجودها حتى انفجارها الأسبوع الماضي.
وبنت الصحيفة تقريرها على برقية لدبلوماسي أميركي أرسلتها السفارة الأميركية في بيروت يوم الجمعة. المتعهد الذي يعمل مع الجيش الأميركي حذر قبل أربعة أعوام من وجود كمية كبيرة من المواد الكيماوية القابلة للانفجار خزنت في مرفأ بيروت وفي ظروف تفتقر لمعايير السلامة.
وتعرّف خبير السلامة للموانئ الأميركي، على المواد وأخبر عنها أثناء عملية تفتيش لمعايير السلامة في الميناء. قال المسؤولون الحاليون والسابقون إن المتعهد كان من المفترض به إعلام السفارة أو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
ونفى مسؤول بارز في الخارجية الأميركية معرفة المسؤولين الأميركيين بالنتائج التي توصل إليها المتعهد، وقال إن البرقية التي استندت عليها الصحيفة تظهر أنهم لم يبلغوا بوجود الشحنة.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن المتعهد قام "بزيارة غير رسمية إلى المرفأ قبل أربعة أعوام تقريبا، ولم يكن في حينه موظفا لدى الحكومة الأميركية أو وزارة الخارجية". وأضاف أن الخارجية ليس لديها سجل عن اتصالات مع المتعهد حتى حدوث الانفجار القاتل في الأسبوع الماضي.
وعندما أُبلغ الدبلوماسيون الأوروبيون بمحتوى البرقية الأميركية شعروا بالدهشة والغضب من أن الولايات المتحدة كان لديها معلومات ولم تشرك أحدا بها. وقال دبلوماسي غربي: "لو كان صحيحا، فسيكون صادما". وكانت الولايات المتحدة واحدة من عدد قليل من القوى الغربية التي أقامت سفارتها وقنصلياتها خارج بيروت. فمجمع السفارة الحصين في جبل عوكر الذي يبعد 8 أميال عن العاصمة.
ولم تكن البرقية الأميركية سرية، ولكنها مهمة وأصدرتها السفارة الأميركية في لبنان يوم الجمعة. وتكشف البرقية عن المسؤولين اللبنانيين الذين كانوا يعرفون بوجود شحنة نترات الأمونيوم التي تستخدم في صناعة السماد والقنابل ووصلت إلى المرفأ في عام 2013 ولم يتم تنزيلها من السفينة إلا في العام التالي. وتقول البرقية إن مستشارا أمنيا أميركيا استعان به الجيش الأميركي ولاحظ وجود المادة خلال عملية فحص السلامة. وبحسب البرقية، حصل على عقد من الجيش الأميركي وقدم الاستشارة للبحرية اللبنانية في الفترة ما بين 2013- 2016.
وتقول البرقية إن المتعهد "نقل ما قام به من عملية فحص لمنشآت الميناء والمتعلقة بالسلامة، حيث أبلغ مسؤولي الميناء بوجود مادة نترات الأمونيوم المخزنة في ظروف تفتقر لقواعد السلامة".
وكانت هذه المادة مخزنة بالميناء منذ عام 2014. ولا يُعرف متى أبلغ المتعهد عن المادة، ولكن عددا من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين عملوا في الشرق الأوسط، قالوا إن المستشار عادة ما يقوم بنقل نتائج رحلته التفقدية إلى المسؤولين الأميركيين الذين وقّع معهم العقد، وفي هذه الحالة وزارة الخارجية أو البنتاغون.
وقال دبلوماسيون من دول أخرى تضررت بالانفجار، إن أميركا لم يكن لديها ما يمكن عمله لإقناع المسؤولين اللبنانيين بنقل المواد من الميناء. فقد طلب مسؤولو المرفأ عدة مرات من المسؤولين نقل نترات الأمونيوم ولكن دون رد.
وعبّرت البرقية الدبلوماسية الأميركية عن الشك من تفسيرات الحكومة اللبنانية الأولى حول انفجار مادة نترات الأمونيوم وبسبب اندلاع حريق في عنبر حُفظت فيه كميات من الألعاب النارية. وتشير البرقية بدلا من ذلك إلى أن جبل نترات الأمونيوم ربما انفجر من نفسه حيث ولد القوة الكافية لكي يفجر المواد. وقالت البرقية إن سبب الحريق الأول "لا يزال غير واضح- سواء نتيجة ألعاب نارية أو شيء آخر خُزن قريبا من نترات الأمونيوم".
وعوّم المسؤولون الأميركيون فكرة اندلاع النار في مخزن الأمونيوم بعد أيام من تأكيد المسؤولين اللبنانيين على نظرية الألعاب النارية، وأن مادة الأمونيوم المخزنة قربه هي المسؤولة عن التفجير.