حسم رئيس مجلس النواب نبيه بري أمر الاستقالات النيابية التسعة، ثمانية خطية وفق الاصول وواحدة شفهية لم تتعد الإطار "الاستعراضي" للنائبة ديما جمالي.
ومع تلاوة الاستقالات الثمانية للنواب: نديم الجميل بولا يعقوبيان ونعمة افرام وسامي الجميل وميشال معوض والياس حنكش وهنري حلو، في بداية جلسة مجلس النواب امس كما ينص النظام الداخلي لمجلس النواب، شغر 8 مراكز نيابية في اكثر من منطقة حساسة ولا سيما ان 7 من اصل 8 مقاعد هي مسيحية وهنا تكمن الاهمية السياسية ولو المعركة "المعنوية" بين القوى المسيحية المتصارعة الابرز اي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية".
ويؤكد مصدر نيابي بارز في 8 آذار لـ"الديار"، ان امر الانتخابات النيابية الفرعية محسوم وهو الزامي خلال شهرين كما ينص القانون وهو سيجري حكماً على النظام الاكثري كما جرى اخيراً في طرابلس بعد الطعن بنيابة النائبة ديما جمالي ومن ثم اعادة اجراء الاستحقاق الفرعي على قانون الـ60 .
ويؤكد المصدر ان اجواء الرئيس بري توحي بالذهاب الى الانتخابات الفرعية ولكن مع هامش للتحرك اي من ضمن الشهرين من دون إغفال الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
ويجزم ان خلال اسبوعين ستتضح صورة الاستحقاق بين حتمية إجرائه في وقته او تأجيله لبعض الوقت، ولكن مع أرجحية اجراء الانتخابات في موعدها كما يقول المصدر وان انطباعه من خلال الاتصالات التي جرت توحي بمنع اي شغور في بعض المقاعد. ولا سيما ان هذا المجلس النيابي متوقع ان ينتخب رئيس الجمهورية الجديد مع دخولنا في العامين الاخيرين من ولاية الرئيس ميشال عون ولو جرى تمديد بسيط لهذا المجلس وفق الظروف التي يمكن ان تستجد.
وينبه المصدر الى ان المزاج الشعبي اليوم ولا سيما بعد فاجعة نكبة مرفأ بيروت لا يترك مجالاً للرفاهية والدلع او للاستهتار السياسي ولا يسمح بوقت كبير وفراغ وشغور نيابي في 8 مقاعد دفعة واحدة. ويقول ان الكباش المسيحي سيزداد من اليوم وصاعداً مع تشتت المعارضة وانعدام اي فرصة لتلاقيها ولا سيما في الايام الماضية، حيث بدت واضحاً "إنعدام الثقة" بين الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع، اذ يبدو ان نكسة عدم تسمية
جعجع الحريري للحكومة والتي طيرت الاستشارات النيابية التي كان سيسمى فيها الحريري قبل ان يعتذر للمرة الاخيرة ويعاد تسمية حسان دياب لم تنته مفاعيلها بعد.
ويشير المصدر الى ان الدكتور جعجع عادة ما يندفع الى النهاية منذ اللحظة الاولى، ويبدو انه لم يقرأ جيداً، خطوة مجيء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورسائله بالجملة لكل الافرقاء عند التقى بالاقطاب الثمانية في قصر الصنوبر، ولم يقدر عواقب تطيير الحكومة ومجلس النواب في اللحظة الداخلية والاقليمية والدولية نفسها ولبنان يلملم جراحه وشهداءه من المرفأ والبحر.
ويؤكد المصدر ان فكرة الاستقالة الجماعية من مجلس النواب اظهرت عدم تماسك المعارضة كما اظهرت ان النزعة الاستقلالية لبعض النواب داخل كتلهم ضعيفة وان حجم النواب المستقلين خارج الكتل الكبرى ليس كبيراً، وتأثيرهم غير كبير وهم ضائعون بين الشارع والحراك ومطرقة الاحزاب الكبرى في السلطة.
وبدا واضحاً ايضاً ان لا اتفاق على الحد الادنى بين النواب المستقلين، بعد ان كان الرأي يتجه بينهم على تكتل نيابي مستقل قبل فاجعة المرفأ، وكان توجه الغالبية منهم الاستقالة الجماعية، لكن تبدل الظروف والمزاجات الشخصية لهؤلاء النواب جعل من خطوة النواب الثمانية غير مؤثرة ولا تعدو كونها صرخة في وادي من الفساد والاخفاقات للسلطة. وحتى للمعارضة ايضاً فهي ليست منزهة عن كل ما جرى في المرحلة السابقة وتتحمل مسؤولية سياسية عن المرحلة الحالية.
ويؤكد المصدر ان هناك مقعدان في بيروت للنائبين نديم الجميل وبولا يعقوبيان واذا حدثت المعركة فإنها ستكون طاحنة بين "القوات" و"التيار" و"الكتائب" و"الكتلة الارمنية" الناخبة وحظوظ "التيار" مع تكتل القوى ولا سيما الارمن والقوميين سيعزز كفة "التيار" ومن دون نسيان حضور الحراك الشعبي.
اما في المتن حيث مقعدي سامي الجميل والياس حنكش، فستكون معركة كسر عظم مماثلة مع امكانية تحالف "التيار" و"القومي" والنائب ميشال المر. اما في كسروان فالمعركة مماثلة على مقعد النائب المستقيل نعمة افرام وصولاً الى الجبل والشوف حيث مقعدي مروان حمادة وهنري حلو وايضاً ستكون معركة مزدوجة مسيحية ودرزية.
ويلفت المصدر الى ان هذا الاستحقاق ولو كان فرعياً وعلى قانون الستين فإنه سيعكس حجم الاحزاب المسيحية وحضورها بعد ثورة 17 تشرين الاول، كما سيؤكد حجم الصراع على الاستحقاق الرئاسي والذي سيظهر ايضاً من خلال الحكومة المقبلة ولا سيما اذا رسى الخيار النهائي على حكومة سياسية تجمع بين الاكثرية والاقلية وسيكون التجاذب المسيحي فيها شديداً.