اعتبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن "لبنان أمام مرحلة وجودية"، لافتا الى أن "بعض السياسيين امتهنوا تفسيخ الدولة والتسبب بالمزيد من التشنجات داخل الشعب اللبناني". وأكد أن هؤلاء السياسيين الى زوال والشباب سيتولون نهوض لبنان"، مشددا على أنه طالب إثر تفجير مرفأ بيروت مع رؤساء الوزراء السابقين بـ"تأليف هيئة دولية للتحقيق وبشكل منفصل ونزيه في جميع تفاصيل هذه العملية المريبة والتي تثير الشكوك من أجل امتصاص غضب اللبنانيين الذين أصيبوا بصدمة هائلة بنتيجة القصور والتقصير".
وعبر عن سعادته بـ"الدور الاخوي الذي لطالما لعبته السعودية في علاقاتها مع لبنان، فهي كانت من ضمن الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية. وكان لبنان أحدها. وهي قد حرصت في صياغة مشروع انشاء جامعة الدول العربية على احترام استقلال وسيادة لبنان. ولطالما كانت المملكة العربية السعودية، بعد ذلك، وخلال كل السنوات الماضية، والى جانبها مصر تلعبان دورا هاما في الحفاظ على استقلال وسيادة وحرية لبنان".
وردا على سؤال عن تفجير مرفأ بيروت، اعتبر أن الحادثة "جريمة جرى ارتكابها من خلال عملية نقل مواد متفجرة بشكل مريب، وجرى إلباسها مظاهر وكأنها عملية نقل عادية، والذي تبين بعد ذلك ان هناك ثغرات في هذا المستودع تسمح لبعضهم بالدخول إلى ذلك العنبر، وبالتالي ما يتيح لمن يريد سحب كميات من تلك المواد المتفجرة تدريجيا لاستعمالها من قبل صاحب تلك الكميات والمكتوم في الداخل اللبناني أو ربما إلى خارج لبنان. وذلك يعني أن قسما كبيرا من تلك الكميات جرى إخراجها بنتيجة قول الخبراء أن هذا التفجير لم يكن ليزيد عن كميات بحدود ثلاثمائة طن من أصل الكمية الأساسية وهي 2750 طنا، ومن ثم بدأت تتبين المعلومات بأن الذي استورد هذه الكميات هو الذي كان يشرف بشكل كامل على الاستعمال التدريجي لهذه الكميات. وهذه الوقائع المريبة تتطلب ان يصار الى ان يكون ذلك محط تحقيق صحيح وكامل نزيه وشفاف بداية من قبل لجنة دولية لتقصي الحقائق بشكل يبين كل الحقائق".
وسأل السنيورة: "الآن من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة؟ المشكلة الآن هو ان رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية تحاول ان تحصر التحقيق في هذه العملية بالأجهزة وبالإدارات التي كانت هي الموجودة والمسؤولة في المرفأ. وبالتالي، فإن الأجهزة وهذه الإدارات هي التي كانت مطلعة بكل ما يجري من شاردة وواردة في المرفأ بما فيها تلك الشحنة وتلك المواد، وان الموقف الذي اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في هذا الصدد، كان حاسما بأنه يجب الاكتفاء بالتحقيق الذي يجريه الجيش او تجريه تلك الأجهزة، وأن رئيس الجمهورية، وكذلك حزب الله وآخرون ممن يلوذون بهما ضد أي تحقيق تجريه هيئة خاصة، وهي التي يجب أن تؤلف عن طريق الأمم المتحدة او عن طريق الجامعة العربية".
وقال: "حتى نكون موضوعيين لا يظهر الآن وبشكل واضح من كان ومن هو وراء هذه العملية. هو يبدو وكأنه شبح. كان يواكب هذه الأجهزة والإدارات وبدون ان يظهر من هو. وبالتالي كان هناك العديد من المراسلات التي بدأت تتكشف الآن، وكأن هذا الشبح، الذي هو صاحب هذه المواد، كان يتحكم بحركة سير كل هذه الاتصالات دون ان تخرج في المحصلة أي نتيجة إلى العلن. وبالتالي إن سأل أحدهم ليعرف حقيقة ما حصل، لا يحصل على شيء. في هذا الأمر بالتحديد، سألت رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري وهم جميعا لم يكونوا على علم ولا جرى اطلاعهم على هذا الامر على الإطلاق".
واعتبر السنيورة أن "لبنان، وعلى مدى سنوات طويلة، وعلى الأقل منذ حوالي عشرة سنوات، يعاني من مشكلات كبيرة جدا اقتصادية وإدارية ومالية، وهي كانت تتفاقم باستمرار، وبالتالي حتى وصلنا الى ما أصبحت عليه الأحوال في لبنان عشية يوم الرابع من آب أي يوم الثلاثاء الماضي. ولقد كان الوضع قد بلغ درجة بالغة من الخطورة وتتمثل في انهيار كبير في الثقة ما بين اللبنانيين من جهة وما بين الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية اللبنانية وقسم كبير من الناشطين في العمل السياسي في لبنان. مما أدى لانهيار هائل أيضا في الاقتصاد والتراجع في النمو الاقتصادي وفي جميع الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية كما تبينه مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية".
وردا على سؤال عن "وجود لبنان الذي أصبح مهددا اليوم"، اعتبر السنيورة أن "هذا صحيح. فإن هذا الوضع في لبنان الآن قد أصبح يشكل خطرا وجوديا على لبنان نتيجة استمرار استيلاء الدويلة على الدولة اللبنانية، وأعني بذلك سلطة حزب الله على الدولة اللبنانية. وهذه الدويلة تعمد إلى مصادرة سلطة الدولة اللبنانية، وذلك بالتعاون مع الأحزاب اللبنانية التي تشكل غطاء لحزب الله. أي أنه وبالفعل، فإن هناك نوعا من تبادل المنافع والخدمات بين حزب الله وتلك الأحزاب. حزب الله يؤمن لها المنافع من خلال وجودها في مواقع في بعض السلطات والوزارات والإدارات، وهي تقدم له التغطية لسلاحه غير الشرعي. ولقاء ذلك هو يحتفظ بقدرته على تسيير الأمور في لبنان، وفي معظم الإدارات والأجهزة، ويكون وضعه كمن يلعب بالدمى".