اثارت مذكرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التي اصدرها الثلاثاء الفائت امتعاضًا خصوصًا وأنّه لم يستشر أحدًا حيالها، والتي يطالب فيها بحياد لبنان، والتي لم يستثن فيها حزب الله الذي اعتبره مجرد ميليشيا. مما يعني ان اعتماد هذا المعيار في التعامل مع الحزب الاكثر تمثيلا لطائفة رئيسة في لبنان، فيما لو عُمِّم على الكتائب والقوات اللبنانبة وحلفائهما، يؤدّي الى نتيجة مفادها ان مقاومتهم للاحتلال السوري كانت باطلة.
ومن المغالطات الواردة في مذكّرة البطريرك ان حزب الله بدأ نشاطه في العام ١٩٨١ ليس صحيحا. كذلك القول ان الحزب يقود مشروع الثورة الاسلامية في لبنان، على الرغم من معرفة البطريرك ان هذا الكلام يجافي الحقيقة بعدما تلقت بكركي مباشرة وعبر قنوات الاتصال المعتمدة بينها وبين الحزب تأكيدات بعدم وجود ايّ نية له للسير في هذا الاتجاه. ويقول متابعون ان للنائب السابق فارس سعيد اسهاما في النص الذي تناول الحزب مستهدفًا الطائفة الشيعية.
اما في ما يتعلق بالحياد، فإنّ الصفحات الاولى للمذكّرة تتحدث عن رخاء وامن وبحبوحة مرّ فيها لبنان منذ اعلانه دولة كبيرة في العام ١٩٢٠، ثم لا يلبث ان يتحدث عن خضَّات كبيرة وامتحانات قاسية مر بها في السنوات التي سبقت استقلاله وتلته. فهل ان احداث ١٩٥٨ التي تطرّقت اليها المذكرة جاءت من عدم. اين كان الحياد يومها؟ ومن كان وراء اتفاق القاهرة؟! ألم يكن قائد الجيش الماروني وقتذاك الذي ورط لبنان والمؤسسة العسكرية في حرب مدمرة لا يزال يجرجر ذيولها.
لكن اخطر ما اتى على ذكره البطريرك هو ان كل الميليشيات قد حلّت بعد الطائف باستثناء ميليشيا حزب الله، ويبدو انه سهى عن بال كتبة هذه المذكرة ان اتفاق الطائف قال بحلّ كل التنظيمات العسكريّة، باستثناء المقاومة وربط سلاحها بالانتهاء من الاحتلال الاسرائيلي. وهذا الاتفاق قد حظي بموافقة البطريرك الراحل الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير، الذي ذيّله بتوقيعه، متحدّيا ارادة الرأي العام المسيحي، قبل ان يعمد الى استرضائه لشن معركة ضد الاحتلال السوري في لبنان.
ان المعلومات المتوافرة تشير الى ان اللجنة التي صاغت هذا البيان باشراف البطريرك شخصيا، تألفت من وزراء سابقين معروفين، وكانوا يطلعوا النائب المستقيل نعمت فرام على الخطوط العريضة لها، إضافة الى أحد الآباء المقربين من البطريرك.
ويلاحظ ان احدا من بطاركة الطوائف المسيحية الاخرى لم يوقّع على هذه المذكرة ، كما لم يعرف اذا كانوا يوافقون على مضمونها او لا.