فجأة أصبح اللبنانيون شعباً ومسؤولين أمام حقيقة أكثر من مُرّة. حقيقة عدم قدرة المستشفيات الخاصة على مواجهة إنتشار فيروس كورونا، وأسباب ذلك ليست فقط سرعة تفشي الفيروس وتسجيله أرقاماً قياسية تخطت الـ600 إصابة يومياً ووصلت الى حوالى 3800 إصابة جديدة بعد إنفجار الرابع من آب في مرفأ بيروت. الأسباب متعددة وأولها بحسب العارفين بهذا الملف هو إقفال عدد كبير من المستشفيات الخاصة لأقسام كورونا، وطرد الكثيرين من الممرضين والممرضات، وذلك خلال الفترة التي إنخفضت فيها أرقام الإصابات اليومية، كل ذلك بهدف تخفيف الأعباء على ميزانيتها. السبب الثاني هو الضرر الكبير المادي والبشري الذي لحق بمستشفيات الروم وأوتيل ديو والجعيتاوي والوردية والكرنتيتا الحكومي، من جراء إنفجار الرابع من آب الذي أدّى الى خروج أقسام بكاملها عن العمل فيها. اما السبب الثالث، فيعود الى عدد الإصابات المرتفع في الجسمين التمريضي والطبي.
صحيح أن كل هذه الأسباب أثّرت سلباً على قدرة المستشفيات الإستيعابية، لكن السبب الأساسي والرئيسي الذي أوصل الأمور الى ما وصلت اليه، يمكن إختصاره بكلمات ثلاث، المال والمال والمال. وفي هذا السياق تكشف مصادر متابعة للملف أن المستشفيات الخاصة تلقّت في بداية أزمة كورونا الكثير من الوعود الرسميّة من الحكومة بدفع مستحقاتها الماليّة المتراكمة منذ سنوات لكن هذه الوعود بقيت كلها حبراً على ورق، ولم تحصل إدارات المستشفيات إلا على الفتات من هذه المستحقات. المصادر المتابعة للملف تضيف، "لقد تم الإتفاق مع الحكومة على تسعيرة محددة لمرضى كورونا وكان يجب أن تصدر من قبل وزارة الصحة، غير أن ذلك لم يحصل على رغم أن المستشفيات كانت قد شرحت ولأكثر من مرة بأن كلفة علاج مريض كورونا تفوق أضعاف كلفة المريض العادي والمحددة بحسب جداول الوزارة المذكورة، ما يعني أن المستشفيات لن تكون قادرة على الإستمرار إذا لم تحصل على مستحقّاتها وإذا لم يتمّ تعديل تسعيرة مرضى كورونا التي تتقاضاها من الوزارة.
تعديل التسعيرة هو مفتاح الحلّ تقول مصادر المستشفيات الخاصة، إذ ان الأخيرة قادرة على إعادة فتح أقسام كورونا وبسرعة لأنّ الأسرّة موجودة وآلات التنفس الإصطناعي أيضاً، لكن الكادر البشري التمريضي لم يعد موجوداً، وبالتالي يجب اللجوء الى التوظيف وشراء المستلزمات الطبية اللازمة لمعالجة مرضى كوفيد19، وهي باهظة الثمن أسعارها بالدولار وهناك ما يباع منها في السوق السوداء. المفاوضات قائمة مع وزارة الصحة، ورئاسة حكومة تصريف الأعمال على علم بكل شاردة وواردة، وتتابع التفاصيل للوصول الى حل يعيد الطمأنينة الى اللبنانيين لناحية عودة المستشفيات الى قدرتها الإستيعابية والأمل بأن تتراجع اعداد الإصابات اليوميّة خلال الأسبوعين المقبلين خصوصاً بعد صدور قرار بإقفال البلد خلالهما.
الوضع ليس على ما يرام وكل مواطن مسؤول عن حماية نفسه وعائلته والمستشفيات، والعبرة دائماً تبقى بالتشدّد في تطبيق الإجراءات والحجر وعدم الإختلاط قدر الإمكان.