اشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى أنه "بأدبيات الثورة الحسينية يؤكّد (ع) أن السلطة التي يجوع شعبها هي سلطة ظالمة، وحكومة فاسدة، والشعب الذي لا يبالي بطبيعة السلطة وحكومتها وبرامجها هو شعب ظالم ومفرّط، فالأساس في هذا كله، منع فساد السلطة وقمع الظالم، وتأسيس مشروع السلطة وفق طريقة تمنع احتكارها وتجييرها للعائلة والأتباع وللمشاريع الانتخابية والحزبية والمناطقية وغيرها. لأن مفهوم السلطة عند الله يكمن بخدمة الإنسان، وبتكريس كل مؤسسات الدولة ومشاريعها من أجله، فإذا انحرفت عن ذلك بطلت، وفسدت، وتحوّلت ضد إنسانها وشعبها، وهو ما قام الإمام الحسين من أجله، وهو ما قدّم في سبيله نفسه الزكية وقدّم أهل بيته وأصحابه الذين تحولوا أجساداً مقطّعة، وأشلاء تملأ ميادين كربلاء".
وأضاف :"ونحن نعيش يوم دمه وشهر ملحمته وتضحياته، نؤكّد ضرورة الانتصار للناس المظلومة وخاصة في لبنان، لأنه للأسف تجربة السلطة الفاسدة مزّقت شعبنا، وجعلت بين أطيافه وطوائفه سواتر ملغومة خطيرة، بل حوّلت كل طائفة كياناً يعيش الهاجس والحقد ضد الآخر. فيما الرسالات السماوية والقيم الإلهية تريد لهذا الشعب أن يكون واحداً، أن يكون متماسكاً ومنتصراً لحقوقه، وهو ما نريده لإخواننا ولشركائنا في هذا البلد، من دون فرق بين منطقة وأخرى، وطائفة وأخرى، على قاعدة كلنا جسد واحد، كلنا روح واحدة عائلة واحدة قضية واحدة، وهذا يلزم منه أن ننتج حكومة تعبّر عن أزمتنا الوطنية، لأن البلد يشهد حالة من الانهيار، حالة من الانقسام السياسي الحاد، والانتقامي للأسف".
وأكّد "من جديد أنه على القوى السياسية الاتفاق على إطار وطني خارج الاصطفاف السياسي لإنقاذ البلد، وأنتم يا أهل السياسية تعلمون أن وضعية لبنان المالية والنقدية والاقتصادية في أسوأ معدلاتها التاريخية، والإنقاذ اليوم يمر فقط عبر حكومة وحدة وطنية وقرارات حاسمة، فيما خصّ كل دولة تريد الاستثمار في البنية التحتية للبلد، إذا كان في ذلك مصلحة لبنان. وحذارِ من تقديم المصلحة السياسية على المصلحة الوطنية، لأن البلد لا يحتمل والناس تعيش حالة تمزّق، والطوائف تعيش لحظة أزمة متفاقمة والمكونات الرئيسية القادرة على أخذ قرارات كبيرة تكاد لا تزيد عن ست قوى سياسية، ما يعني أن إمكانية أخذ البلد نحو حكومة وطنية أمر ممكن، وبالتالي علينا حماية لبنان من نيران المنطقة، ولكن ليس عبر النأي عن مصالح لبنان الخارجية... لافتاً إلى أن "لبنان يعيش أزمة هائلة، وأي تأخير بالاتفاق على حكومة قوية وفاعلة وواسعة التمثيل يعني اصطدام لبنان في القعر، وبالتالي لن تنقذه قوة".
أما على المستوى الإقليمي فاعتبر سماحته أن "أي تطبيع مع تل أبيب هو قتل للقيم والمبادئ والمرجعيات الحقوقية الدولية، هو إعلان قطيعة مع قضايا الإنسان المتمثّلة اليوم بالقدس وفلسطين. الموقف النهائي هو ما أطلقه الإمام الصدر "إسرائيل شر مطلق، والتعامل معها حرام"، وهي كيان محتل ودولة غاصبة، وثكنة قامت على القتل والإبادة والاحتلال ولا بد من استئصالها إنقاذاً للشعب والناس والمقدسات، ومن يطبّع معها مجرم كإجرامها، وعدو لشعب فلسطين والقدس وقضايا الإنسان".
ونبّه إلى أن"لبنان يعاني بشدة من الفراغ السياسي والانقسام العامودي، وهو يمد يد العون بعد تفجير مرفأ بيروت المدمر، وسط وباء كبير تحوّل إلى كارثة بيئية وصحية واجتماعية واقتصادية، ونذكّر بحرمة الاستهتار بهذا الوباء، ولا بد من استخدام كافة وسائل الوقاية، لأن هذا الوباء أسوأ من حرب إبادة، ومن يخالف التدابير الصحية يخالف الأوامر الإلهية، وهو ظالم وفاسد ومعتد. وبالتالي، لا بد من اتخاذ إجراءات صارمة وعقوبات قاسية بحق المخالفين للتدابير الصحية، وخاصة من يعلم بأنه مصاب بفايروس كورونا، لأننا في وضع خطر، ويكاد يأتي على أكثر من نصف سكان لبنان".