ليس جديدا ان يلعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دور الاطفائي لانقاذ البلد وتشكيل حكومة وطنية جامعة... هذه المرة، يسعى الرئيس بري وبالتنسيق الكامل مع حزب الله لاعادة ترتيب العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري وتحديد موعد مصالحة بين الرجلين في القصر الجمهوري تسبق موعد استشارات التكليف، وتشير معلومات موثوقة الى وجود مساع يقودها بري ايضا لعقد جلسة تمهيدية قد تكون غير معلنة بين الحريري ورئيس التيار الحر جبران باسيل لمصالحتهما او بمعنى اوضح تعبيد الطريق للحريري للدخول مجددا الى القصر الجمهوري سواء كرئيس مكلف للحكومة الجديدة او كشريك اساسي في التسوية لجهة تسمية شخصية سنية بديلة عنه والمشاركة بأدق تفاصيل تشكيل الحكومة.
وعلى حد تعبير قيادي بارز في ٨ آذار مشارك بشكل مباشر في عملية تشكيل الحكومة، فان دور بري اساسي في تذليل اصعب العقبات الداخلية المتمثلة بالفيتو الرئاسي امام اعادة تكليف الحريري، فيما يلعب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الدور ذاته خارجيا مع الولايات المتحدة والسعودية التي ما زالت تضع شروطا على عودة الحريري للرئاسة الثالثة.
وهنا تحديدا تنقل «اللواء» عن القيادي البارز في ٨ اذار تأكيده بان «حزب الله سوف يسهل امر تشكيل الحكومة برئاسة الحريري او من يسميه»، وان مسالة مشاركته في الحكومة بشكل مباشر عبر حزبيين او بشكل غير مباشر عبر شخصيات مقربة منه يعتمد على شكل الحكومة وكيفية تمثيل القوى الاخرى.
وفيما لم تتضح بعد نتيجة المساعي الداخلية والخارجية حول امكانية اعادة تكليف الحريري لترؤس الحكومة، يبدو ايضا ان حركة المشاورات الداخلية حول شكل الحكومة ما زالت في مرحلة الشروط والشروط المضادة ولم يبدا الكلام المباشر بعد، وهذا يعد اعترافا صريحا من القوى المعنية بتشكيل الحكومة بعدم التوصل الى ما يمكن الارتكاز اليه للدعوة للاستشارات النيابية الملزمة.
وعليه، يبدو ان هناك استحالة لتشكيل حكومة ان لم نقل الدعوة الى استشارات نيابية قبل عودة الرئيس الفرنسي الى لبنان في الاول من ايلول للاحتفال بمئوية لبنان الكبير، واقصى ما يمكن ان تقدمه القوى اللبنانية لماكرون هو صيغة اولية تتضمن حصيلة المشاورات وما تم التوصل اليه في الشان الحكومي، مع الاشارة الى ان هناك من يؤكد ضمن هذه القوى بان زيارة ماكرون ستعزز
المشاورات وستؤدي الى تسريع مسالة تشكيل الحكومة.
وفي التفاصيل الحكومية يمكن التاكيد بان اتجاه القوى الاساسية في الداخل والخارج هو لحكومة مصغرة مهما كان شكلها سواء «تكنو-سياسية» او «سياسية» او حكومة «اقطاب» ويمكن تسجيل بعض النقاط هنا:
اولا: ان خيار حكومة الاقطاب لم يسقط من التداول، ولكن هناك فيتو خارجي عليه، فضلا عن ان بعض القوى الاساسية في الداخل لا تستسيغ هذا الخيار.
ثانيا: اذا فشلت المساعي بتشكيل حكومة سياسية لا سيما ان هكذا حكومة لا يمكن ان يتقبلها الشارع اللبناني، فان التوجه والخيار الاكثر قبولا في الداخل والخارج هو نحو تشكيل حكومة «تكنو-سياسية» جامعة يراسها الحريري او من يسميه.
ثالثا: ان عودة الحريري على راس اية حكومة «سياسية» او «تكنو-سياسية» لا يمكن ان يكون مشروطا بعدم توزير رئيس التيار الحر جبران باسيل، علما، ان الاخير يبدي مرونة في عدم المشاركة شخصيا باية حكومة.
ولكن اللافت هنا، ان تشكيل اية حكومة لا يمكن ان يكون مشروطا ايضا باجراء انتخابات نيابية مبكرة اذ تؤكد القوى المعنية في ٨ آذار بان هذا الطرح ليس عمليا و«مش محرز»، فالوقت المتبقي للمجلس هو سنتين وبتقديرنا ان الاتفاق على انتخابات مبكرة يلزمه قانون انتخابي جديد غير متوفر حاليا، وهذا يعني بان ورقة الشروط الفرنسية لتشكيل الحكومة والتي تتضمن الدعوة الى انتخابات مبكرة خسرت احد اهم بنودها المدعومة اميركيا والتي يروج لها داخليا من معارضي ٨ آذار.