من المتوقع، ان تشهد الحركة السياسية الفلسطينية في لبنان هذا الاسبوع زخما كبيرا لمواكبة التطورات المتسارعة التي تهدد القضية الفلسطينية مجددا في ظل الحراك الاميركي غير المسبوق والضغوطات التي تمارس على القيادة والقوى الفلسطينية بهدف تطبيق "صفقة القرن" بطرق مختلفة، وآخرها تطبيع العلاقات بين الامارات العربية والمتحدة و"اسرائيل" والخشية من ان "تكر السبحة" نحو دول عربية أخرى، بعد تهويد القدس والتهديد بضم أجزاء من الضفة الغربية والاغوار واطباق الحصار على غزة.
زيارة هنية
وكشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان الحراك الفلسطيني الذي يهدف الى توحيد الموقف يتمحور بعدة اتجاهات، اولها زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية الى لبنان، بعد ايام استكمالا لجولة قادته منذ اشهر الى عدد من الدول لشرح خطورة ما تتعرض له القضية الفلسطينية طلبا للدعم والمساندة، ومن المتوقع ان يلتقي الامناء العامين للفصائل الفلسطينية ومسؤولين لبنانيين رسميين وسياسيين على حد سواء، لتنسيق المواقف لمواجهة ما يخطط لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة وانهاء عمل وكالة "الاونروا"، ارتباطا باستراتيجية "اسرائيل" الجديدة التي تقوم على استغلال التغيير الدولي في ظل ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب لفرض الامر الواقع، علما ان هنية يقوم منذ اشهر بأول جولة خارجية له كرئيس للمكتب السياسي للحركة، وزار خلالها مصر وتركيا وقطر.
واوضح المسوؤل الاعلامي لحركة "حماس" في لبنان وليد كيلاني لـ"النشرة"، ان جدول أعمال هنيّة حافل بالكثير من اللقاءات والاجتماعات، ومنها مع رؤساء الجمهوريّة "ميشال عون، المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال حسان دياب"، مشيرا الى ان للزيارة اهمية خاصة في هذا الاتجاه.
وثانيها، التحضير لعقد لقاء جامع على الارجح سيكون يوم الخميس، بين الضفة الغربية ولبنان عبر تطبيق "زوم" أو "فيديو كونفرنس"، وقد تمت (في الضفة) دعوة فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" اليه على مستوى الأمناء العامين، برئاسة رئيس حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية محمود عباس، على ان يكون في لبنان خلال اجتماع للامناء العامين بمشاركة هنية والأمين العام لـ"حركة الجهاد الاسلامي" زياد نخالة، اضافة الى باقي أمناء الفصائل او من ينوب عنهم في "المنظمة" او "تحالف القوى الفلسطينية" ومن بينهم "القيادة العامة" و"الصاعقة".
واوضح الامين العام لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" الدكتور واصل ابو يوسف، ان العمل يجري على تذليل ما تبقى من عقبات، وعلى جدول أعمال مواجهة "صفقة القرن"، سياسة الضم الإسرائيلية والتطبيع الذي جرى مؤخرا (الإمارات) والذي يشكل خطرا جديا على القضية الفلسطينية، وكيفية تركيز كافة الجهود في مواجهة التطبيع؛ سياسيا أو في ما يتعلق بالتوحد على الأرض لمواجهة كل ما يحاول الاحتلال فرضه.
في المقابل، اكد الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، أن هناك مبشرات بإعادة وحدة الصف الفلسطيني، فهناك قواسم مشتركة، وهذا الموقف موحد على رفض المشاريع الصهيونية الأميركية، لافتاً النظر إلى أن الأميركيين والصهاينة فوجئوا بالإجماع الفلسطيني على رفض صفقة القرن، وخطة الضمّ، وأن هذا الموقف الفلسطيني صلّب الموقف العربي المتردد، وجمّد خطط المتآمر، موضحا أن العدو يصارعنا على خمسة أشياء: إرادتنا، وسلاحنا ومقاومتنا، ورفضنا له كاحتلال، ووحدتنا كأمّة، وخامساً على هويتنا.
صمود وانتخابات
وتشعر القوى الفلسطينية ومعها أبناء المخيمات في لبنان بمدى خطورة المرحلة والمؤامرة التي تحاك ضد القضية الفلسطينية بهدف تصفيتها وشطب حق العودة، وباعتقادهم ان الاشهر الفاصلة حتى موعد الانتخابات الاميركية في الثالث من تشرين الثاني ستكون الاصعب بانتظار نتائجها، كي يبنى على الشيء مقتضاه لجهة اعادة انتخاب ترامب مجددا او وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي بدأ باطلاق المواقف "الانتخابية" تجاه القضية الفلسطينية واخرها انه يؤيد حل الدولتين ويرفض نوايا "اسرائيل" ضم اراض فلسطينية.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان وحدة القوى الفلسطينية وانهاء الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس" واعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وتوحيد الموقف الرافض لتطبيق صفقة القرن باشكالها المختلفة وبدء تطبيع بعض الدول العربية مع "اسرائيل" بالمجان، سيشكل رصيدا قويا للصمود في وجه الضغوطات على اعتبار انهم اصحاب القضية مباشرة، وضمانة لعدم حصول اي خرق مهما كان بانتظار نتائج الانتخابات الاميركية من جهة، وحصول تغييرات اضافية في السياسة الدولية لجهة ظهور اقطاب جديدة بعد تفشي فيروس "كورونا"، وانهيار انظمة صحية واقتصادية لدول ونهوض اخرى لتشكل رقما جديدا في المعادلة الدولية من جهة أخرى.