أعلن النائب نهاد المشنوق في بيان إعتذاره عن المشاركة في الإستشارات النيابية التي تجري في قصر بعبدا.
وقد جاء في بيان المشنوق ما يلي: "لقد انتظرتُ حتى اللحظة الأخيرة لكي أسمع رأْيَ وقرار أهل الحلّ والربط من رؤساء الحكومة السابقين، لأتبين مدى حرصهم على ما تبقى من رئاسة مجلس الوزراء، في الجدارة والفعالية، والضمانة للحقوق، والحفظ للكرامة، كرامة الموقع والطائفة والبيئة الوطنية، والدستور. وهي – كما يعلم الجميع – سِمات وضرورات لم يتبقّ منها إصلاً غير الشيئ اليسير.
وبصراحة لم أُفاجأ بتسمية السفير مصطفى أديب، لأنها النتيجة الطبيعية للمسار الذي تحكَّم بالموقع والطائفة والوطن منذ العام 2011 حتى اليوم، وهذا إذا اعتبرنا أنّ اليومَ هو الآخِر وليس الأخير.
إنّ التزام نادي رؤساء مجلس الوزراء بالموافقة المسبقة للتحالف الحاكم وتحديداً حزب الله باسم الرئيس المكلَّف، يشكّل تخلياً عن الأمانة الوطنية التي وُضعت بين أيدي الذين ائتُمنوا عليها.
لقد تجاهل أصحاب الدولة ما حدث في الرابع من آب من مجزرةْ وقعت على بيروت وعلى لبنان في انفجار مرفأ بيروت، بحيث صارت المدينة الأحبّ إلى اللبنانيين والعرب والعالم بلا مرفأ منذ أيام الفينيقيين في الوقت الذي يتقدّم فيه مشروع ميناء حيفا الاسرائيلي والجاهز بتفاصيله البحرية والبرية منذ العام 2018، وصار البيارتة وغيرهم من اللبنانيين يقفون في طوابير "الشحادة" للمساعدات الغذائية بعد أن وصلت نسبة الفقر بين اللبنانيين إلى حدود الـ55 بالمائة. فضلاً عن استمرار حصار لبنان بسبب انتشار اعتداءات الحزب الحاكم على العرب وحواضرهم، وأعماله غير المشروعة في العالم كله.
لقد نسي أصحاب الدولة أيضاً وأيضاً أنّ ودائع اللبنانيين في المصارف اختفت لسنواتٍ لا يعرف أحدٌ مداها.
وقبل ذلك وبعده رمى أصحاب الدولة وراء ظهورهم جمهور اللبنانيين الغاضب للكوارث التي نزلت به، سواء من استطاع منهم الوصول إلى الشارع ليُعتدى عليه، ومن احتفظ باعتراضه وغضبه وبقي في منزله خوفاً أو إحباطاً وهم بمئات الآلاف.
ثم إنهم تناسَوا حكم المحكمة الدولية في 18 آب على كادرٍ في حزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما كان ينبغي أن يترتب عليه من رفضٍ للشراكة التقليدية مع الحزب بعد الارتكابات والاغتيالات على الأرض اللبنانية لخمسة عشر عاماً وأكثر. وإذا كان هناك من مبرّر إنساني ما لراعي الاجتماع، لأنّه مدين للرئيس الفرنسي، فماذا عن الرؤساء الآخرين؟
لقد تركوا كل هذه الوقائع والحقائق، وذهبوا إلى تسويةٍ مشابهةٍ لما فعلنا جميعاً منذ العام 2011 حتى تاريخ اجتماعهم دون أن نتعّظ من العثرات الكبرى التي عشنا معها لسنوات طويلة.
هم يعلمون جيداً أنّ هذه التسمية والحكومة التي يُحكى عنها – هذا إذا تشكّلت – لن تُفتح لها الأبواب الدولية ولا صناديق الدعم، ولن تحظى باعترافٍ عربيٍ فاعل وقادر على الدعم المالي والمعنوي أيضاً. وكل هذا ليس بسبب اسم الرئيس المكلَّف "المستنسَخ" عن سلفه حسّان دياب، بل لأنّ دفتر الشروط السياسية للدعم مهما حاول الرئيس الفرنسي لن يتغير.
لقد دعوتُ لتسمية السفير نواف سلام لمعرفتي واقتناعي بأنّ الجهات الداعمة الفعلية، وليست "الوسيطة"، تثق به وبقدرته على إدارة الدعم المقرّر لانقاذ اللبنانيين من مزيد من طوابير الجوع والقهر. لكنّ أصحاب الدولة الذين لم يصمدوا على تسميته إكراماً لرفض الحزب الحاكم له، أكّدوا قدرة الاحتلال السياسي للدولة اللبنانية على الاستمرار، وغياب إرادتهم للمقاومة السياسية.
وعندما كان الرؤساء الأربعة يُعدُّون بيانهم، كان فخامة الرئيس وبمناسبة مئوية لبنان الكبير، يسرد قصةً طويلةً عن مساوئ النظام اللبناني وأزماته المتلاحقة في مئويته الأولى، ومنها الطائفية والمحاصصة والفساد، والاستعصاء على الإصلاح، ويقول إنّه سيعمل مع الشباب من أجل تغيير النظام، وتغيير الدستور، وإقامة الدولة المدنية! وهو قد جارى في ذلك زعيم حزب الله الذي كان قد دعا إلى عقدٍ سياسيٍ جديد "بهدوء وبالاستفتاء الشعبي"، وسبقه إلى ذلك المفتي الجعفري الذي يريد نسف الدستور والنظام، هل هذه هي التسوية التي يدعو اليها رؤساء الحكومات السابقين مع "النبلاء المدنيين الجدد"؟ لهذا كله اعتذرتُ عن المشاركة في احتفالات النصر الإلهي التي تجري في القصر الجمهوري والمسمّاة بالاستشارات الملزمة".