نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في دفع اللبنانيين لتسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة قبل وصوله الى لبنان أمس، الأمر الذي حفظ ماء وجهه أمام الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، اذ كاد يفشل الرئيس الفرنسي في أبسط مهامه في لبنان، قبل أن يُنقذه إسم مصطفى أديب، سفير لبنان السابق في ألمانيا.
مع بروز ملامح التسوية التي قادت إلى تسمية رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، طرحت الكثير من علامات الإستفهام حول موقف كل من "الحزب التقدمي الإشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية"، نظراً إلى أنها تقوم على أساس تحالف رباعي بين كل من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" و"حركة أمل" و"تيار المستقبل"، لكن خلال يوم الإستشارات تبين أن "الإشتراكي" قرر الإلتحاق بالتسوية، وهذا ما كنا قد أشرنا إليه في "النشرة" في مقال سابق، إنطلاقاً من تسمية أديب رغم إعلانه عدم رغبته بالمشاركة في الحكومة.
هذا الموقف، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة عبر "النشرة"، يعود إلى العلاقة التي تجمع رئيس "الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط بكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، كما أنها تنبع من مصلحته بعدم معارضة تسوية تحظى بهذا الغطاء الداخلي والخارجي، بالرغم من إدراكه بأنها لا تحظى بالرضا الخليجي الكامل، فجنبلاط يريد الحفاظ على كافة قنوات الإتصالات المحلية والدولية المستجدة، أي مع الجانب الفرنسي، مشيرة الى أن وليد جنبلاط كان قد أبلغ الحريري سابقا بأنه وإن كان لا يوافق على عودته شخصيا الى الحكومة اليوم، إلا أنه لن يعارض أي إسم يختاره الحريري، وهذا ما حصل.
أما بالنسبة إلى موقف "القوات اللبنانية"، فكان من الواضح أن الحزب لم يكن في جو تفاصيل التسوية بشكل كامل، أو على الأقل لم يكن راغباً في الإلتحاق بها منذ البداية، إنطلاقاً من قناعته بأنها لن تعمر طويلاً، وهو تماهى مع الرغبة الخليجية في هذا المجال، الأمر الذي عبرت عنه العديد من الشخصيات السنية الفاعلة على هذا الصعيد، كالنائب نهاد المشنوق ورجل الأعمال بهاء الحريري، خصوصاً أن الجامع المشترك بين كل هؤلاء هو دعم ترشيح السفير السابق نواف سلام.
وتشير المصادر الى أن موقف الدول الخليجية يظهر من خلال موقف كتلة "الجمهورية القوية"، فهذه الدول لم "تبلع" التسوية بعد، ولا تجد فيها ضرورة في هذا التوقيت، وتعتبر أنها تشكل تعويما للعهد الرئاسي، مشددة على أن القوات انطلقت من موقف هذه الدول لتسمية نواف سلام، الذي هو مطلب أميركي – خليجي، منذ اليوم الأول لاستقالة حكومة سعد الحريري، وبالتالي يُفهم من خلال موقف القوات أنها ربطت مواقفها بالكامل بجهات خارجية، وخرجت بشكل كامل من تحالفها، او على الأقل، علاقتها الجيدة مع تيار المستقبل.
كذلك يمكن ملاحظة موقف الدول الخليجية من خلال مواقف نهاد المشنوق، الذي أظهر عدم رضى على موقف رؤساء الحكومات السابقين، ما يوحي وكأن موقفهم لم يكن منسّقا مع هذه الدول.
اليوم يزور مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر لبنان، ويمكن من خلال زيارته الإطلاع أكثر على موقف الإدارة الأميركية مما جرى، فهل تكون مهمة التأليف أصعب بكثير من مهمة التكليف؟