علمت صحيفة "الجمهورية" انّ الساعات الـ48 الماضية كانت حافلة باتصالات مكثفة على الخطوط السياسية كلها، وخصوصاً بين الرباعي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وأنّها دخلت مدار الإيجابية الجديّة اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، حينما لمس الثنائي الشيعي تحديداً، ليونة في موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لجهة قبوله تسمية شخصية يتم التوافق عليها، بعدما كان حاسماً في إعلانه بأنه لن يغطّي أحداً لرئاسة الحكومة.
وأشارت المعلومات الى انّ موقف رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام الذي كان حادّاً لناحية إعلانه بأنه "لن يقبل بتشكيل حكومة في عهد الرئيس ميشال عون وبوجود جبران باسيل، محمّلاً العهد مسؤولية ما حلّ بالبلد من انهيار"، شَكّل في ذلك اليوم نقطة إرباك لحركة المشاورات، حيث لم يقرأ موقف سلام بأنه يعبّر عنه شخصياً فقط، بل قُرىء على أنه معبّر ايضاً عن الرئيس الحريري، بعدما فشلت محاولات الثنائي الشيعي في إقناعه ترؤس الحكومة الجديدة، او تسمية شخصية للتوافق عليها.
وأشارت المعلومات الى أنّ هذا الأمر بَدا وكأنّ الأبواب قد أغلقت نهائياً، وانّ الكرة رميت في ملعب الثنائي وحلفائهم، حيث اصبحوا امام عدة خيارات:
الاول، رفض التسليم بالموقف الرافض من قبل الحريري وفريقه وإبقاء باب المشاورات مفتوحاً معه.
الثاني، الذهاب الى الاستشارات الملزمة من دون توافق على اسم، وهذا معناه فتح الباب على احتمالات غير محسوبة.
الثالث، التمنّي على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات، علماً انّ رئيس الجمهورية لم يكن في هذا الوارد على اعتبار انّ هذا التأجيل سيعتبر نكسة لرئاسة الجمهورية.
الرابع، الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية شخصية عبر الثلاثي أمل، وحزب الله والتيار مع القوى الحليفة. وهذا معناه استنساخ مرحلة تكليف حسان دياب، إنما بوجه جديد. وبالتالي، تشكيل حكومة من لون واحد، تشكّل استفزازاً للسنّة بمستوياتهم السياسية والروحية، وكذلك للقوى المعارضة التي تنتظر سقوط الثلاثي في هذا الأمر، وهذا معناه ايضاً العودة من جديد الى الدوران في حلقة الاشتباك السياسي والشارعي ما يشرّع الباب على احتمالات غير محمودة.
واكدت المعلومات انه أمام هذه الخيارات، كان الخيار الأول هو الغالب، وتحديداً لدى الثنائي الشيعي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، كان مصرّاً على إبقاء قناة الاتصال المباشر مفتوحة مع الحريري، وسجّل في هذا الاطار أكثر من تواصل بين بري والحريري، اتبعت باللقاءات المتتالية في بيت الوسط، بين الحريري والمعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل. وخلاصة هذا التواصل كانت التأكيد للحريري بأنّ القرار حاسم بأنّه لا يمكن السير بأيّ شخصية لرئاسة الحكومة الّا عبر التفاهم والتوافق عليها مع الحريري، انسجاماً مع الموقف الثابت لدى الثنائي: لا حكومة من لون واحد، ولا حكومة تستفزّ الطائفة السنيّة سواء بتركيبتها أو برئيسها، فإمّا الحريري لرئاسة الحكومة، وإمّا شخصية يتم التوافق معه عليها.
واشارت المعلومات الى أنّه وسط هذه الاجواء التقى الرؤساء السابقون للحكومات في بيت الوسط يوم الجمعة الماضي، من دون ان يصدر عنهم أيّ موقف، فيما كانت أجواء هذا اللقاء تؤكد بأنّ الرؤساء، وأمام «إصرار الثنائي الذي أُبلغ به الحريري على رئيس حكومة بالتوافق، باتوا متيقنّين بأنّ الكرة في ملعبهم، علماً أنّ أحد رؤساء الحكومات كان يشد في اتجاه إبقاء الكرة في ملعب الآخرين. فيما غلب الرأي في هذا اللقاء بمواجهة الإيجابية التي عبّر عنها رئيس مجلس النواب بمبادرته فور استقالة حكومة حسان دياب الى تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وظل مصرّاً على هذه التسمية ورفض السير بأيّ حكومة لا يكون الحريري شريكاً فيها، بإيجابية مثلها، الّا انّ الحريري كان واضحاً في تأكيده انه لن يسمّي احداً من تيار المستقبل او من المقرّبين منه.
ولفتت المعلومات الى إنّ ما انتهى اليه لقاء رؤساء الحكومات وموافقة الحريري على تسمية شخصية لرئاسة الحكومة، بلغَ عين التينة، ولم يطل الوقت حتى بادَر الرئيس سعد الحريري الى إبلاغ النائب علي حسن خليل باختيار مصطفى اديب، الذي أبلغ بري بذلك، وتم بعده التواصل مع حزب الله والتيار الوطني الحر، والحلفاء، وتم الاتفاق على تسمية أديب ربطاً برغبة رؤساء الحكومات السابقين، وتحديداً الحريري. وزاد منسوب الايجابية مع إعلان السنيورة بعد ذلك اللقاء أنّ رؤساء الحكومات سيتفقون على اسم قبل الاثنين.
وأضافت المعلومات أنّ رؤساء الحكومات، وفي لقائهم الجمعة، تداولوا في ما بينهم بعدة أسماء من خارج تيار المستقبل، من بينهم السفير مصطفى اديب ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس إدارة الميدل ايست محمد الحوت، وتردّد انّ من بين الأسماء ايضاً وليد الداعوق ورشيد درباس، وقيل انّ احد رؤساء الحكومات كان متحمّساً لطرح اسم السفير نواف سلام، لكنه كان وحيداً في هذا الامر، خصوصاً انّ تبنّي اسم نواف سلام سيعتبره الثنائي الشيعي تحديداً خطوة تصعيدية.
وأشارت المعلومات الى انّ اسم مصطفى اديب، كان على بساط التداول والاقرب الى القبول به من البداية، ولوحظت المقاربة الايجابية من قبل الرئيس الحريري لاسم أديب، ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لم يكن بعيداً عن هذا الأمر، خصوصاً انّ اديب يتمتع بمواصفات مقبولة لدى مختلف الأطراف، فضلاً عن انه شغل مدير مكتب ميقاتي زمن تولّيه رئاسة الحكومة قبل ان يعيّن سفيراً للبنان في المانيا.
وبينت المعلومات انّ الساعات الاربع والعشرين التالية للقاء رؤساء الحكومات الجمعة، شهدت حركة اتصالات على اكثر من خط، وكشفت مصادر متابعة لهذه الاتصالات أنّ باريس لم تكن بعيدة عنها، الا انّ المصادر نفسها لم تستطع ان تؤكد او تنفي ما قيل في بعض المجالس السياسية الضيقة بأنّ باريس دخلت على خط التكليف بكل قوة في الايام الاخيرة، وانّ خيارها وقع على السفير اديب بالنظر الى العلاقة الوثيقة التي تربطه مع الفرنسيين، وانّ اديب قد فوتِح منذ ايام قليلة من قبل الفرنسيين باحتمال تسميته لرئاسة الحكومة في لبنان، وانّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصياً، وربطاً بحركة اتصالات دولية كان قد أجراها، هو الذي زكّى الدكتور أديب لدى القيادات اللبنانية.