علّق وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور، على الإندفاعة الفرنسية بإتجاه لبنان، معتبرًا أنه "لا يمكن نسيان أن العلاقة التاريخية بين فرنسا ولبنان تعود لعدّة قرون، وخاصةً مع مطلع القرن العشرين عندما فرضت فرنسا الإنتداب على لبنان"، مذكرًا أن "هذه العلاقة بطبيعتها تدفع فرنسا لأن يكون لها مكانة خاصة في لبنان من خلال مصالح مشتركة بين البلدين".
وفي حديث لـ"النشرة"، إعتبر منصور أن "الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أتى الى بيروت للمساعدة على ايجاد الحلول للأزمة المُستعصية، وهذا يعكس حرص بلاده على استقرارنا الداخلي"، مُشدّدًا على أن "الحل لا يأتي من الخارج، من باريس أو من واشنطن، الحلّ يبدأ من الداخل، من الأفرقاء السياسيّين الذين سبّبوا الأزمة وأوصلوا البلد إلى ما وصل اليه".
ولفت منصور الى أن "ماكرون كان واضحًا بأن المشكلة داخلية، وإيجاد الحلول للمأزق هي مسؤولية لبنانية، رغم العاطفة التي تكُنّها فرنسا للشعب اللبناني"، مُعتبرًا أن "على الطبقة السياسية التي أوصلتنا الى الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي، وعاثت فسادًا وهرّبت الأموال ووصلت إلى الثراء الفاحش على حساب اللبنانيين، عليها أن تُعيد حساباتها بحيث لا يُمكنها الإستمرار بنفس الآداء، ولا بُدّ من إعادة تصحيح الأمور".
وعن تعويل البعض على الجهود الفرنسية للخروج من الأزمات التي تعصف بلبنان، أوضح منصور أنه "عندما بدأ الإنتداب في العام 1920، كانت عصبة الأمم تعتبر أن بعض الدول لا تستطيع إدارة شؤونها، والإنتداب هو مرحلة تعمل خلالها على إنضاج الشعب تمهيدًا للإستقلال، واليوم بعد مرور أكثر من 77 عامًا على الإستقلال، إذا أردنا الاستعانة بالخارج لإدارة شؤوننا، ذلك يعني أنّنا لا نزال قاصرين وغير جديرين بإدارة الدولة".
وأضاف: "لا يمكن لأي دولة تحترم نفسها أن تعوّل على الخارج لمساعدتها على إدارة بلدها، وهنا نسأل ما الذي يستطيع أن يُقدّمه الرئيس الفرنسي اليوم؟ هل هو صاحب السياسات التي أوصلت البلاد الى الفشل؟ جُلّ ما يقوله للّبنانيين مطالبته للمبادرة بالإصلاح"، مُشيرًا الى أن "لبنان اليوم بحاجة للمساعدات لإعادة نهضته، وهو يلجأ لصندوق النقد الدولي والمؤسّسات المالية، وهذه ليست جمعيات خيرية، ولن تُقدّم الدعم للبنان إن لم تلمس جدّية في إجراء الإصلاحات".
وفي الختام، تطرّق منصور إلى الدعوات المتزايدة للوصول الى دولة مدنية، مُذكّرًا بأن "فرنسا العلمانية هي من أسّست لبنان الكبير على أساس النظام الطائفي، وهذا النظام أثبت بعد 100 عام على إنشاء لبنان الكبير أنه فاشل ولا يستطيع تلبية طموحات اللبنانيين، ولِذا لا بُدّ من دولة مدنيّة تستند الى حق الانسان في العيش الكريم، وللأسف في لبنان كل شيء طائفي، من المناطق الى المدارس والجامعات والمستشفيات، وهذا لا يؤسّس لوحدة البلد الا تحت مظلّة نظام مدني"، مُبديًا أسفه لأن "في لبنان هناك من لا يريد دولة مدنيّة، بالرغم أنه اذا توفّرت الإرادة والنوايا الطيبة عند الجميع، يُمكن تحقيق ذلك من خلال مجلس النواب والاجراءات القانونية، أما في حال إستمر الشرخ الداخلي فسيبقى هذا الطرح مسألة نظرية فقط".