لو لم تصدر فكرة إعادة النظر بالنظام السياسي القائم حالياً على علاته من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في توقيت سياسي داخلي واقليمي واوروبي حساس، لكانت الدنيا قامت ولم تقعد ايضاً، لو ان هذا القول صدر مجدداً عن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله.
في العام 2012 عرض السيد نصر الله الفكرة في خطاب علني من دون الدخول في أي طرح تفصيلي، ثم سحب الاقتراح على ضوء الانتقادات.
ولكن الحديث عن تطبيق الطائف كاملاً او تحسين ما لم يطبق منه او تعديل ما هو غير صالح وقابل للتطبيق اليوم هو مقصد مزمن لقوى المقاومة في لبنان ولا "حزب الله" وحلفائه في 8 آذار.
وتقول اوساط في هذا التحالف لـ"الديار" ان طروحات "المثالثة" أي تقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والموارنة و"المؤتمر التأسيسي الجديد" ليست افكاراً من اختراع "حزب الله" او 8 آذار بل هي تعود لافكار دولية واقليمية سابقة.
وتقول الاوساط ان فكرة "مؤتمر تأسيسي جديد" ليست جديدة، وهي فكرة تطرحها الدول الغربية قبل الإقليمية، أقله منذ عام 2000، بعد الانسحاب الإسرائيلي من القسم الاكبر من جنوب لبنان، وتحديدا في معرض النقاش حول مصير سلاح "حزب الله".
في حين كانت المرة الأولى التي سمع فيها القادة اللبنانيون بفكرة «المؤتمر التأسيسي» أثناء زيارة موفد وزير الخارجية الفرنسية جان كلود كوسران إلى لبنان في شهر حزيران في العام 2007، بعد عامين من اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وفي مؤتمر سان كلو الحواري الذي جمع ممثلي القوى السياسية في فرنسا في تموز 2007، سمع اللبنانيون مجددا بالاقتراح ذاته، من مسؤول فرنسي تولى متابعة الملفين الإيراني واللبناني، نقلا عن مسؤولين إيرانيين.
وبينما ينسب الايرانيون الفكرة الى والفرنسيين العكس، احيا ماكرون هذه الفكرة منذ شهر تقريباً ولاقاه اليها السيد نصرالله ومن باب الاقتراح ايضاً منذ ايام، وفي اشارة وفق الاوساط على ايجابية "حزب الله" وحلفائه في مقاربة اي فكرة او مسعى لتطوير النظام السياسي وتجديده وتحديثه.
وخوض الرئيسين ميشال عون ونبيه بري في الدولة المدنية ايضاً ليس جديداً. والرجلان يطالبان بها في كل مناسبة ومفصل.
وللتذكير فإن بري دائماً ما يطالب ولا سيما في مهرجان ذكرى تغييب الامام موسى الصدر كل عام، بالغاء الطائفية السياسية عبر تشكيل اللجنة العليا لالغاء الطائفية السياسية وتطبيق ما لم يطبق من اتفاق الطائف.
اما عون وفق الاوساط فإنه رفع "شعار الجمهورية الثالثة" لحملته الانتخابية عشية الانتخابات النيابية عام 2009، وأطلقت حينها تفسيرات وتكهنات كثيرة وصلت إلى حد اتهام عون بالسعي لإقامة جمهورية جديدة على أنقاض جمهورية الطائف، خصوصا أن عون كان من أشد معارضيه عند توقيعه في العام 1989. كما رفعه في نيسان الماضي خلال احد جلسات الحكومة.
واستكمالاً لدعوة الرئيس الفرنسي الى عقد سياسي واجتماعي جديد، تلقفت القوى السياسية هذه الدعوة ولا سيما في ظل الارضية الجاهزة للخروج من المأزق.
وتكشف الاوساط عن تشكيل لجان فرنسية - لبنانية لدراسة الملفات التي يمكن عرضها للنقاش والتطوير في النظام السياسي، بينما يحضر الرئيس عون الى طاولة حوار في قصر بعبدا لاستمزاج آراء رؤساء الكتل النيابية والمرجعيات الروحية بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة مباشرة اي خلال اسبوعين.
وفكرة طاولة الحوار التي ينوي عون الدعوة اليها، يتم تنضجيها والتداول فيها بين مختلف المقار السياسية والحزبية آخذين في الاعتبار اهمية التوقيت وما يمكن تطويره في النظام السياسي والدولة المدنية التي يكثر عنها الحديث.
مع العلم ان اي تغيير لن يتم ابن ساعته ويلزمه تحضير وفترة تحضيرية للانتقال من مرحلة الى اخرى ومن نظام سياسي الى آخر وما يستتبعه من تغيير في نظام الانتخاب ومقاربة الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية وحتى اعادة النظر في مؤسسات الدولة ووظائفها والحاجة الى مرافق وإدارة عامة جديدة.