لفت قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، خلال تدشينه نصبًا تذكاريًّا يحمل أسماء الشهداء الّذين سقطوا خلال معركة "فجر الجرود" وأولئك الّذين استشهدوا على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، في ساحة بلدة رأس بعلبك بحضور ذوي الشهداء وفاعليّات من البلدة والمنطقة، إلى أنّ "في الذكرى الثالثة لمعركة "فجر الجرود"، نعود إلى هذه الأرض الطيّبة الّتي تحرّرت بفضل إرادة شعبنا وتضحيات جيشنا، مستذكرين الدماء الّتي رَوت ترابها، فأنبتَت عزّة وكرامة وحريّة".
وركّز على أنّ "في 30 آب عام 2017، طوينا صفحة أليمة من تاريخنا مع الإرهاب، لكنّنا لن نستكين ولن نسمح له بالعودة ولو بوجوه أُخرى. مسؤوليّاتنا العديدة، وهي شرف لنا، لن تُشتّت اهتمامنا عن عدوَّين لا يستكينان كلّما حانت لهما الفرصة، وهما الإرهاب والعدو الإسرائيلي". وأشار إلى أنّ "قدرنا كعسكريّين هو التضحية ذودًا عن وطننا وكرامته".
وأكّد العماد عون أنّ "شهداءنا هم وسام نَحمله على صدورنا، ودماءهم هي مسؤوليّة نحملها على أكتافنا. نستذكر اليوم شهداء معركة "فجر الجرود". من أجلهم نجتمع لتدشين نصب يخلّد أسماءهم في سجل الشرف"، مبيّنًا أنّ "بفضل تضحياتهم، عادت لنا الأرض وتحقّق النصر. تحية لأرواحهم والعزاء لذويهم. ومن رأس بعلبك، هذه البلدة العزيزة، نحيّي صمود أبنائها وأرواح شهدائها الّذين سقطوا دفاعًا عنها".
وشدّد على أنّ "وطننا يعاني منذ تشرين الماضي أزمات متلاحقة، بدءًا من الاحتجاجات الشعبيّة مرورًا بالوضع الاقتصادي المتدهور وانتشار وباء "كورونا"، وصولًا إلى انفجار مرفأ بيروت الكارثي الّذي أدّى إلى استشهاد أكثر من مئة وتسعين مواطنًا وجرح الآلاف وتدمير جزء كبير من عاصمتنا، فيما لا يزال هناك مفقودون". وأوضح أنّ "لا شكّ في أنّ شعبنا يتملّكه الحزن والغضب، وهو محقٌّ. فالخيبات المتتالية أفقدته الثقة، لكنّه بالمقابل شعب عصامي ومحبّ للحياة، وسينهض من جديد، على أمل أن يستعيد ثقته بوطنه فهو يستحقّ منّا كلّ تضحية وإخلاص ووفاء".
كما ذكر أنّ "منذ اللحظات الأولى لانفجار المرفأ، تولّى الجيش أمن المنطقة، فهي مسؤوليّته، ولَو من دون تكليف. هَول الكارثة وحجمها جعلا أولويّته أمن المرفأ والسلامة العامة والبحث عن الأحياء تحت الركام، ثمّ البحث عن المفقودين. عمِلنا بصمت لأيّام عدّة، فلا قيمة للكلام أمام دماء الأبرياء وأنين الجرحى ودموع الحزن والأسى". وأشار إلى "أنّنا حزِنّا معهم لأنّنا فقدنا ثمانية شهداء ولدينا أكثر من ثلاثمئة جريح. غضِبنا معهم لأنّه كان يمكن تفادي هذه الكارثة. ولكن، سويًّا سنتعالى على الجراح".
وأعلن العماد عون أنّ "سويًّا ويدًا بيد سنزيل ما سبّبه الانفجار من آثار في منازلنا وطرقاتنا. سويًّا سنتعاون في أعمال مسح الأضرار وتوزيع المساعدات الّتي عكست ثقة محليّة ودوليّة بجيشنا، لأنّنا كنّا ولا زلنا العمود الفقري لهذا الوطن، وسنبقى أوفياء لقسمنا بالدفاع عنه مهما غلت التضحيات. كنّا ولا زلنا إلى جانب شعبنا في السلم كما في الحرب والأزمات. لسنا مع فريق ضد آخر، ولن نكون". وركّز على أنّ "مَن التبس عليه الأمر، فليعلم أنّ الجيش على مسافة واحدة من الجميع، وسيبقى مدافعًا عن الحرّيات كما الممتلكات العامة والخاصة. مهما كثرت التأويلات وحملات التخوين والاتّهامات وتشويه صورة الجيش، ستبقى أولويّتنا حماية السلم الأهلي والاستقرار، وذلك انطلاقًا من قناعاتنا وواجباتنا ومسؤوليّاتنا".
وفي الختام، تسلّم العماد عون درعَين تقديريَّين من رئيس البلدية ومن والدة الشهيد جورج بو صعب.
بعدها، انتقل قائد الجيش لافتتاح طريق "مقيال فرح" الحدودي الّذي يصل إلى مركز عسكري في جرود رأس بعلبك، حيث التقى عناصر المركز وحيّا الجهود الّتي يقومون بها لحماية الحدود.