جددّ رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب رغبته في تشكيل حكومة اختصاصيين من فريق عمل متجانس للبدء في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة التي يتطلع اليها اللبنانيون بأسرع وقت ممكن. ومن المعروف أن لأديب قناعته ورغبته في تشكيل فريق عمل متجانس وحكومة اختصاصيين يسعيان للعمل بسرعة وبشكل فاعل من أجل وضع الإصلاحات بأسرع وقت ممكن، موضع التنفيذ، بعد أن لمس من الجميع التعاون والرغبة في الإسراع في تشكيل الحكومة العتيدة من أجل مواجهة التحديات الداهمة، وخاصة تداعيات انفجار مرفأ بيروت والبدء بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية.
كما أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نصح أديب بالتخلي عن فكرة التشكيل الحكومي المختصر المؤلف من 14 حقيبة وزارية، لأنها لا تتفق مع التوازنات السياسية وثقلها في الساحة اللبنانية التي فرضها واقعياً اتفاق الطائف الذي يوجب مراعاة تمثيل الطوائف في الكابينة الحكومية والمجلس النيابي، و اعتماد التشكيل الوزاري المؤلف من 24 وزيراً لأنه الأقرب للواقع اللبناني، غير أن رئيس الحكومة المكلف غير متحمس لحكومة الـ 24 وزيرا وربما يلجأ في أبعد الأحوال لتشكيلها من 20 وزيرا إن تعذر عليه التأليف من 14 وزيراً والتي يعتقد بأنها الأقرب الى الشارع المتطلع لاعادة الحياة الى حكومة فاعلة في هذا الظرف الاستثنائي المحكوم بالأزمات.
من أجواء أديب يمكننا الاستنتاج رغبته في تكرار تجربة سلفه حسان دياب، مع فوارق بين الرجلين، عدا عن الأجواء المحيطة بكل منهما، فعندما رفع دياب سقفه، عاد وخفّض شروطه الى حدود دنيا، بينما يريد أديب فرض أسماء جديدة تحظى بقبول الشارع اولاً، كما يروّج مقرّبون منه، سيحمل تلك الأسماء ويتوجه بها الى قصر بعبدا خلال بضعة أيام، لتسليمها لرئيس الجمهورية ميشال عون.
امّا الرهان الدولي على إضعاف حزب الله، فيبدو أنه أصبح مؤجلا، لأن نجاح الدور الفرنسي يحتاج إلى دعم كافة القوى السياسية، معتقدا أنه في المرحلة الراهنة لن تكون هناك حكومة لإضعاف الحزب أو تطويره، وماكرون نفسه لا يريد طرح سلاح حزب الله.
قدّ يكون ذلك هدفا في مراحل مقبلة، لكن يبدو أن الأولويات الغربية الحالية تهدف إلى منع انهيار لبنان، فالانهيار يعني نهاية كل النفوذ الغربي، وبالتالي سيطلب لبنان مساعدة أي دولة سواء إيران أو سوريا أو روسيا أو الصين.
في ظل الحديث عن تسوية فرنسية - إيرانية، نظرا لتقاطع مصالح البلدين عبر إعادة تنظيم تحالفات الشرق الأوسط بمواجهة تركيا وسط الصراع الحاصل حول مسألة أنابيب الغاز في شرق البحر المتوسط، والذي حث على حلحلة الملف الحكومي، انبرت الكتل النيابية إلى تأييد خيار رؤساء الحكومات السابقين الذين قرروا في لحظة معينة تسمية أديب، مرشحا شبه وحيد لدخول السرايا.
الوضع حرج وعصا "ماكرون" ما زالت تؤنب، وفق ما صرح وزير خارجيته " لو دريان " الأحد (أمس ) ، لا سيما وان بقي التعنت سيد الموقف ولم تتيقن القوى السياسية خطورة المرحلة فتسرع الى تشكيل حكومة طوارىء، وتمشي قدما في عملية التأليف بعيدا عن التحاصص والتقاسم، وذهنية التملُك للوزارات السيادية على منطق "هذه ملك الطائفة والحزب" خصوصا ونحن على مشارف عقوبات أميركية على شخصيات متحالفة مع حزب الله.
عندها ستسحب اليد الفرنسية مبادرتها ووساطتها، وسيترك لبنان في تحديد مصيره، لتتحمل القوى السياسية الحاكمة وضع البلد مجدداً تحت المجهر.