أشار الوزير السابق مروان خير الدين، في حديث لـ"تلفزيون النشرة"، إلى أن "تعميم مصرف لبنان رقم 154 لا يعني فقط بالمودعين الذين حولوا أكثر من 500 ألف دولار إلى الخارج من تاريخ 1-7-2017، بل يتعاطى بالوضع المصرفي ككل، ووضع خطّة لكيفيّة ردّ الثقة بين المودعين والمصارف، وهذا الطلب برد جزء من الأموال المحوّلة هو من ضمن الخطّة".
ولفت إلى أنّ "المصرف المركزي استخدم في التعميم كلمة "حثّ" لأنه يتصرف بطريقة لائقة في التخاطب، حتّى يتم استرداد هذه الاأوال، وهي تبقى محفوظة ومجمّدة لمدة 5 سنوات بهدف تأمين السيولة، وبالتالي هذه الأموال لن تضيع عليهم"، موضحًا أنّ "فعليًّا، المودع في لبنان يتمتّع بالحريّة الاقتصاديّة وهي مقدّسة والمصرف المركزي لن يمسّ بذلك، ولذلك استخدم كلمة "حث" وترك لنفسه حقّ أن يتأكّد من أنّ هؤلاء الأشخاص قاموا بواجباتهم الضريبيّة في لبنان، وهو وفق قانون النقد والتسليف له الحق أن يطلب من المصارف أن تقوم بمهام معيّنة، وله حق أيضًا أن يدقّق إذا كان لديه شك بأيّ شخص لم يدفع ضرائبه".
واعتبر خير الدين أنّ "وفق حسابات بسيطة، من المفترض أن يؤمن هذا التعميم بين 3 و5 مليار دولار، ويتم ايداعها في المصارف المراسلة في الخارج". وركّز على أنّه "لا يمكن لأي مصرف أن لا يملك الرأسمال الكافي لإدارة مصلحته، و"مصرف لبنان" أكّد أنّ هناك واجبات على المصرف وطلب زيادة 20 بالمئة من رأسمالها، وفي حال لم يوافق أي مصرف يكون قد أعطى توجهًا بأن المساهمين لا يريدون الاستمرار، وعندها يكون لـ"مصرف لبنان" أن يتّخذ الخطوات الّتي يراها مناسبةً ولديه أكثر من حلّ في هذا الإطار".
وذكر أنّ "بتقديري، عدد قليل من المصارف سيخرج من السوق"، مشيرًا إلى أنّ "الدولة اللبنانية لا تعمل بطريقة صحيحة، فمع أزمة فيروس "كورونا"، مرورًا بخطة حكومة حسان دياب الإفلاسية، وصولًا إلى تمنّع لبنان عن دفع سندات "اليوروبوندز"، واحدة من هذه الأمور كفيلة بإحداث خضة، فكيف اذا اجتمعت كلّها في لبنان؟ أضف إليها موضوع الانفجار الّذي هزّ مرفأ بيروت، مع المشاكل السياسيّة المستمرّة في البلد".
وحول مسألة رفع الدعم، بيّن أنّ "مصرف لبنان أرسل كتابًا للحكومة وهي قرّرت تسريبه"، لافتًا إلى أنّ "المصرف المركزي أبلغ الحكومة عن وضع الاحتياطي الأجنبي لديه، وإذا استمرّينا بالاستراد بسعر مدعوم على دولار 1515 سيتمّ استنفاذ الاحتياطي، وللأسف اكتشفنا أنّ بعض التجّار يستغلّون الدعم ليقوموا إمّا يتهريب الأموال إلى الخارج، أو بالتهريب عبر الحدود".
كما أكّد خير الدين أنّ "مصرف لبنان يحاول الحفاظ على مستوى معيشة اللبنانيّين، في وقت تقف أجهزة الدولة عاجزة عن ضبط الحدود"، مضيفا: "هناك نيّة حسنة باستخدام الاحتياطي، ولكن في الوقت نفسه هناك إساءة استخدام من قِبل السوق، فضبط التهريب من مسؤوليّة الأجهزة المختصّة وليس مسؤوليّة مصرف لبنان".
وشدّد على أنّ "الودائع اليوم في النظام المصرف موجودة ومضمونة، ولكن لا يمكن تحويلها إلى ورق نقدي بالدولار، كما لا يمكن تحويلها الى الخارج"، منوّهًا إلى أنّ "الدولة اقترضت من القطاع المصرفي أكثر من 90 مليار دولار ". وركّز على أنّ "الدولة هي أكبر زبون لدى المصارف وقد اتّخذت قرارها بعدم ردّ ديونها، وتريد من المصارف أن تعتبر ذلك خسارة لها، ومن هناك كانت خطّة الحكومة الإفلاسيّة، واليوم كلّ عرّابي الخطّة غادروا واحدًا تلو الآخر"، مؤكّدًا أنّ "لدينا قدرة لبناء الاقتصاد، ولكن على الدولة أن تبدأ بالإصلاحات، وعلى الأقل في ملف الكهرباء".
إلى ذلك، أعلن خير الدين أنّ "السوق السوداء تشكّل نسبة صغيرة من التداول لا تتجاوز الـ10 بالمئة، وإجراءات المصرف المركزي خفّفت من التداول بالسوق السوداء، ولكن إذا لم تتّخذ السلطة السياسيّة إجراءات معيّنة من الممكن أن يرتفع التداول بالسوق السوداء". وحول عدم تراجع أسعار السلع رغم انفخاض سعر الدولار، أوضح أنّ "دور الدولة غائب، وعدد المراقبين في "مؤسسة حماية المستهلك" ضئيل جدًّا، والقضاء بطيء في متابعة محاضر الضبط، ومن هناك لا بدّ من إعادة النظر بالقوانين وبطريقة عمل حماية المستهلك".
وحول التدقيق الجنائي في "مصرف لبنان"، وجد أنّ "الخطورة في هذا الموضوع هي تجاوز قانون النقد والتسليف وإعطاء ذريعة لحاملي سندات "اليوروبوندز" بأنّ "مصرف لبنان" والدولة جهة واحدة، ممّا يقدّم لهم الذرائع بطلب تصفية الذهب للحصول على حقوقهم"، مشدّدًا على "وجوب المحافظة على استقلاليّة "مصرف لبنان"، وإذا طبّقت شركة التدقيق القوانين فستكون إمكانيّة حركتها قليلة جدًّا".
وختم:"لا بأس باجراء تدقيق جنائي بمصرف لبنان ومؤسسات الدولة، ولكن يجب لفت الانتباه بأن المصرف اقرض الدولة، بينما من الأولى أن يكون التدقيق في المؤسسات التي صرفت الأموال"، مشيرا الى أن "البنك الدولي يتوقع انخفاض الناتج القومي اللبناني بحوالي 20 بالمئة".