من جديد عادت الأنباء عن رحلات الهجرة غير الشرعية من شواطئ طرابلس إلى الواجهة، لا سيما في اليومين الماضيين بعد أن أعادت السلطات القبرصية قارباً على متنه 33 شخصاً إلى لبنان، إلا أن اللافت أن هذا القارب ليس الأول من نوعه، حيث سبقه أكثر من واحد في رحلة العبور نحو الشواطئ القبرصية، الأمر الذي من المفترض أن تُرسم حوله الكثير من علامات الإستفهام.
في هذا الإطار، تأتي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية على رأس قائمة الأسباب التي تدفع بالبعض إلى هذه المغامرة، في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أشهر، في حين أن الواقع في الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً ليس خافياً على أحد، وبالتالي هناك الآلاف الذين يفكرون بمثل هذه الخطوة.
في المعلومات التي حصلت عليها "النشرة"، هذه العمليات تتم مقابل بدل مالي تحصل عليه الجهات التي تنسق عمليات الهجرة غير الشرعية، في حين أن هناك أشخاصاً كانوا قد نجحوا في العبور إلى ما بعد قبرص، بعد أن أمنوا مركباً بجهد خاص، إلا أن اللافت هو تمكن أحدهم من المغادرة عبر دراجة مائيّة.
بالنسبة إلى أسباب إختيار نقطة الإنطلاق هذه، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الأمر يعود إلى الحدود البحريّة المتفلتّة، بالإضافة إلى قرب المسافة باتجاه الشواطئ القبرصية، حيث لا تستغرق الرحلة أكثر من 4 ساعات، إلا أنها تسأل عن أسباب عدم تشديد المراقبة، في ظلّ الكوارث التي من الممكن أن تحصل على هذا الصعيد، خصوصاً أن القوارب المستخدمة لا تكون بحالة جيدة.
على هذا الصعيد، كان لافتاً أن السلطات القبرصيّة اضطرّت إلى إستئجار مركب خاص لإعادة الذين تم توقيفهم في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، نظراً إلى أنّ مركبهمكان بحالة سيئة، الأمر الذي يزيد من خطر غرقهم في عرض البحر، وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا الخطر من المفترض أن يرتفع في حال استمرت هذه الظاهرة خلال فصل الشتاء.
من وجهة نظر هذه المصادر، التحقيقات مع الأشخاص الذين تمت إعادتهم من قبرص قد تكشف حقيقة ما يحصل على هذا الصعيد، لناحية إمكانية أن تكون رحلات الهجرة غير الشرعية غير عفوية، أو إمكانية وقوف شبكات محترفة في تهريب البشر خلفها، مع العلم أن هناك موقوفين في قبرص يتم التحقيق معهم من قبل السلطات هناك.
بالتزامن، تذهب بعض الأوساط السياسية أبعد من ذلك في قراءة تعاظم هذه الظاهرة في الوقت الراهن، وتطرح فرضية أن تكون هناك رسالة ما في الظرف السياسي الراهن، بعد دخول اللاعب الفرنسي على خط الأزمة اللبنانيّة بقوة، وتشير إلى أنّ الجميع يدرك ما تشكله الهجرة غير الشرعية من مخاوف لدى الجانب الأوروبي، الذي لا يزال يعاني من تفاقمها على اثر الحربين السوريّة والليبيّة.
في المقابل، تستغرب مصادر معنية في عاصمة الشمال، عبر "النشرة"، طرح هذه الفرضية، وتشير إلى أن البعض يفكر دائماً بنظرية المؤامرة، بعيداً عن قراءة الواقع الحقيقي، لأن الجميع بات يدرك أن معظم اللبنانيين يفكرون اليوم بالهجرة، وبالتالي من لا يملك القدرة على القيام بذلك بطريقة شرعية سيذهب إلى الخيار غير الشرعي، وتضيف: "في الأصل هذه العمليات ليست بالجديدة، لكن السؤال وجب أن يكون حول أسباب عدم تشديد الإجراءات الأمنية لمنعها".
في المحصلة، بغض النظر عما إذا كانت هناك رسالة سياسية أو لا من وراء تحريك قوارب الهجرة غير الشرعية من شواطئ الشمال بإتجاه القارة الأوروبية، يجب متابعةالأمر بشكل جدي من قبل المعنيين، نظراً إلى خطورتها على الذين يغامرون بحياتهم أملاً بالحصول على فرصة حياة أفضل، بالإضافة إلى إمكانية إستغلال أحلامهم من قبل عصابة تبغى الربح.