أكدت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة بأنه لا نية لدى الرئيس المكلف بتشكيلها مصطفى أديب بتمديد المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولادتها التي يُفترض أن تتم بصورة طبيعية، وكشفت لـ"الشرق الأوسط" أن الساعات الأخيرة من المداولات حقّقت تقدّماً يدفع باتجاه الانفراج الذي يبشّر بأنها سترى النور قريباً.
ولفتت إلى أن أديب يعكف حالياً على غربلة ما لديه من أسماء من ذوي الاختصاص والخبرة والأداء الحسن في المجالات التي يعملون فيها تمهيداً لبلورة مشروع أولي يشكل إطارا عاماً لحكومته وتضم 14 وزيراً وتأخذ بعين الاعتبار مبدأ المداورة في توزيع الحقائب على الطوائف، ويتشاور في صددها مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وقالت إن أديب على تواصل يومي مع الفريق الاستشاري للرئيس الفرنسي صاحب الخبرة في الملف اللبناني وتفاصيله، وأن الأخير يوظّف ما لديه من علاقات عربية ودولية لتأمين شبكة أمان لدعم الخطة الإنقاذية لوقف الانهيار المالي والاقتصادي.
وقالت المصادر نفسها إن إصرار أديب على تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب على الطوائف بات يلقى كل تأييد، وأكدت أنه ليس هناك من مشكلة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لا يمانع بتخلي الثنائي الشيعي عن وزارة المالية شرط أن يصار إلى تحقيق التوازن في إعادة توزيع الحقائب على قاعدة النأي بها عن الاحتكار.
واعتبرت أن استعداد الثنائي الشيعي بتخلّيه عن وزارة المالية من شأنه أن يُسقط ما يمكن أن يتذرّع به هذا الفريق أو ذاك لجهة إصراره على احتكار حقيبة معينة وكأنها مطوّبة له، وقالت إن الثنائي الشيعي على تواصل مع رئيس تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وإن المعاونَين السياسيين للرئيس بري النائب علي حسن خليل، وللأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، حسين خليل، التقيا به أمس انطلاقاً من تقدير لدوره إلى جانب رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام في تسميتهم لأديب واستعدادهم لتسهيل مهمته بلا شروط.
ورأت هذه المصادر أن "حزب الله" الذي يتموضع حالياً تحت عباءة الرئيس بري ليس في وارد التفريط بعلاقته مع الرئيس ماكرون الذي حصر جدول أعمال الحكومة بالملف الإصلاحي الاقتصادي والمالي وارتأى تأجيل الشق السياسي من الأزمة الراهنة إلى وقت لاحق.
وذكرت إن "حزب الله" يبدي كل بادرة حسن نية لإنجاح مهمة أديب رغبة منه بتوجيه رسالة إلى ماكرون يعكس فيها استعداده لتطوير العلاقة معه، طالما أن باريس لم تنضم حتى إشعار آخر للولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية التي لا تميّز بين جناحي الحزب أكان عسكرياً أو مدنياً.
وأوضحت المصادر أن الحزب وإن كان لا يريد التفريط بعلاقته مع حليفه الرئيس عون، وبالتالي يحرص على مراعاته، فإنه في المقابل لن يغض النظر عن دور الرؤوس الحامية بداخل فريقه السياسي التي تقوم بالتحريض لعلها تتمكن من تحسين شروطها في التسوية، مع أنها تدرك أن ماكرون مع تواري الأحزاب عن الحضور في الحكومة الإنقاذية.
وأكدت أن "حزب الله" قد يضطر للتدخل في الوقت المناسب، ويقول لهؤلاء الرؤوس الحامية من خلال عون: كفى وما عليكم إلا السير في التسوية التي وضع ماكرون خطوطها العريضة بالتفاهم مع القيادات السياسية التي التقاها في قصر الصنوبر والتي أبدت استعدادها لتوفير الغطاء السياسي لحكومة أديب من دون أن تشارك فيها.