لعلّ أكثر ما يجمع السلطة الحاكمة بكل مكوناتها في لبنان، تقاسمها لمقدرات الوطن وخيراته، حتى بات اللبنانيون يحلمون بالهجرة، بل وهاجر عددٌ كبيرٌ منهم فعلاً، تاركين وراءهم ترابَ الوطن ينهش به من نصّبوا أنفسهم زعماء على طوائفهم، فباعوه وباعوا أنفسهم بثمنٍ بخسٍ، حتى انهار هذا الوطن على رأس شعبٍ ما زال يبحث عن أشلائه بين أنقاض ما تبقى من بيروت.
مما لا يخفى على أحد أن تشكيل الحكومات في لبنان لا يكون عملية لبنانية داخلية فحسب، بل تتعدى ذلك إلى التدخلات الخارجية، هذه التدخلات، أنتجت مؤخراً التوافق على اسم مصطفى أديب لرئاسة الحكومة.
إنتهى مسلسل المشاورات الملزمة، وتم تكليف أديب لتشكيل الحكومة، وبعدها أُسدل الستار عن مسرحية الاستشارات غير الملزمة، حيث تخللتها مشاهد خيالية، تمثلت بإعلان معظم الكتل النيابية بأنها مع تشكيل حكومة من الاختصاصيين، لتسريع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وانقاذ البلد من أزماته المتراكمة.
ولكل مسرحيةٍ كواليسها، فقد أشارت معلومات على أن الرئيس المكلف يريد تشكيل حكومة مصغّرة من ١٤ وزيراً قبل الرابع عشر من أيلول الجاري، آملاً في أن تلتزم القوى السياسية بوعودها العلنية بتسهيل التأليف وعدم المطالبة بحصص أو التمسّك بوزارات معينة.
وفي ظل الانفجار الصحي والاقتصادي والمعيشي ومأساة انفجار بيروت، ها هي بعض القوى السياسية الداخلية تسعى إلى تناتش الحصص والحقائب. ففي حين اصرار هذه القوى على أن يكون لها تمثيل في الحكومة، نجد رسائل خارجية ترفض هذا التمثيل. هذا التدخل الخارجي قابله طمع داخلي، من خلال اصرار البعض على التمسك بوزارة المال، ما دفع آخرون إلى التمسّك بوزارة الطاقة ووزارة الخارجية، ما يبشّر حتماً بولادة متعسرة للحكومة.
وبين تدخل خارجي وطمع داخلي، هل سينجح أديب بتشكيل حكومة تحمل البلد نحو إنقاذ حقيقي، أم سنرى نسخةً طبق الأصل من حكومة حسان دياب، حيث المحاصصة والفشل في إدارة الأزمات؟