تقترب مهلةالـ 15 يوماً التي حدّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنجاز التشكيلة الحكومية، في زيارته الماضية إلى لبنان التي تزامنت مع تسمية رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، من الإنتهاء من دون أنْ تبصر الحكومة النور، لا بل تتضارب الأجواء التي توحي بها القوى السياسية المعنيّة، بين الإيجابيّة المفرطة والقلق من إضاعة الفرصة الأخيرة.
منذ البداية، المهلة التي حدّدت لم تكن، في دولة تتطلب عملية تشكيل الحكومات فيها أشهر طويلة، منطقية، خصوصاً أن العلاقة بين القوى التي دعمت أديب ليست في أحسن حال، بلي هي لا تزال تمارس لعبة السعي إلى تحصين أوراق قوتها، من دون تجاهل الضغوط الخارجية التي ترافق عملية التأليف، والتي كان آخرها العقوبات الأميركية التي طالت الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس.
إنطلاقاً من ذلك، بدأت بعض الأوساط السياسية تطرح علامات إستفهام حول إمكانية فشل المبادرة الفرنسية في تحقيق الهدف الأساسي المطلوب منها، أي الذهاب إلى تشكيل حكومة سريعاً تتولى إدارة البلاد في المرحلة الفاصلة عن موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في شهر تشرين الثاني المقبل، في حين تزداد الملفات الضاغطة وعوامل إنهيار الدولة اللبنانية، لا سيما بعد الحريق الجديد الذي اندلع في مرفأ بيروت أول من أمس.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية، عبر "النشرة"، إلى أن الرهان على هذه الحكومة في الأصل لم يكن كبيراً، خصوصاً أن الإتفاق على اسم رئيسها جاء بضغط فرنسي، نظراً إلى أن ماكرون لم يكن راغباً في أن تتم زيارته الثانية إلى لبنان قبل الإتفاق على تكليف رئيس حكومة جديد، وتلفت إلى أن النقاش بين الأفرقاء المعنيين كان حتى اللحظات الأخيرة يتناول إمكانية تكليف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وفي حين تعيد هذه المصادر التذكير بما كان قد نقل عن شخصيات أساسية شاركت في إنضاج تسوية أديب، لناحية التأكيد أنه لولا الضغط الفرنسي ما كان ليتم تحريك هذا الملف قبل موعد الإنتخابات الأميركية، تسأل عما إذا كانت الخلافات الحالية ستعيد الأمور إلى هذا المسار، لا سيما أن الحكومة العتيدة، في حال تأليفها، ستكون بحاجة إلى بعض الوقت لإنجاز بيانها الوزاري، الذي من المفترض أن تنال لاحقاً على أساسه ثقة المجلس النيابي، قبل مباشرتها العمل فعلياً.
وعلى الرغم من التأكيدات بأن الصورة على المستوى الوطني، في حال فشل المبادرة الفرنسية ستكون كارثيّة، لا تتردّد المصادر نفسها في الحديث عن أنّ بعض الأفرقاء المحليين قد يفضلون سقوطها أو عرقلتها بعض الوقت، على أمل أن يقود ذلك إلى تحسين شروطهم التفاوضية، بالرغم من التهديدات بالعقوبات التي كانت قد تعرّضت لها من قبل باريس، حيث تشير إلى أن هناك، في الداخل والخارج، من يظن أنه يستطيع اليوم الحصول على مكاسب من قوى الأكثريّة النيابية ما كان من الممكن أن يحصل عليها في الماضي.
في المحصّلة، ترى المصادر السياسية أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة على هذا الصعيد، نظراً إلى أنه من الممكن حصول مفاجآت غير متوقعة في أي وقت، إلا أنها اليوم لم تعد تمتلك المعطيات الإيجابية التي رافقت تكليف أديب، وتعتبر أن إحتمال إعتذار رئيس الحكومة المكلّف، في حال فشله، سيكرّس نظريّة تقطيع الوقت، لكن بظروف أصعب في ظلّ حكومة تصريف أعمال عاجزة عن القيام بأيّ خطوة.