تعقّد المشهد الحكومي في الساعة الـ72 الماضية، ولا سيما بعد الإعلان عن إتصال هاتفي
بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والمخول بالتفاوض الحكومي والسياسي والنيابي عن "الثنائي الشيعي" والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حيث رشحت معلومات ان الاتصال لم يكن ايجابياً امس وان الاخير طلب من بري عدم التمسك بمطلبه وتمسكه بوزارة المال لكن الاخير رفض.
وتؤكد اوساط نيابية بارزة في 8 آذار لـ"الديار" ان موقف الرئيس بري امس كان واضحاً لجهة عدم المشاركة في الحكومة بعد رفض الرئيس المكلف ومن ورائه الفرنسيين إسناد وزارة المال الى من يسميه بري تحت حجة المداورة، بالاضافة الى ان الرئيس المكلف لم يأخذ بالاسماء التي سماها بري و"حزب الله" لشخصيات من الاختصاصيين وغير الحزبيين لتولي الوزارات المخصصة للشيعة. وقد ابلغ بري أديب ان اي مشاركة لا يكون فيها لـ"الثنائي" رأي بارز وان يسمي هو مرشحيه الى الحكومة الجديدة لا قيمة لها.
وتشير الاوساط الى ان لا تنازل إطلاقاً عن الحق في تسمية الوزراء ومن يراهم "الثنائي" من اهل الخبرة والاختصاص في وزارة المالية وغير المالية يمكن المرونة.
كما لا تنازل عن حقيبة المالية وعن التوقيع السيادي والميثاقي للطائفة الشيعية وهذا امر محسوم، ولا مجال للنقاش فيه ولن يكون الشيعة في مجلس الوزراء "كمالة عدد". وبالتالي اي حكومة تشكل من دون رضى "الثنائي" ولا رأي له في اختيار وزرائه، وكذلك مطلب المالية لن تنجح ولن تدعم ولن تنال الثقة ولن يغطيها "الثنائي" إطلاقاً.
وتؤكد الاوساط ان هناك غموضاً كبيراً بعد اعلان بري مقاطعته الحكومة بعد عدم اسناد وزارة المال له وبالتالي هناك تفاوض عالي السقف قبل ساعات من انتهاء مهلة ماكرون المحددة بـ15 يوماً لتشكيل الحكومة بين "الثنائي" والفرنسيين.
وهذا التفاوض في الربع الساعة الاخير من شأنه ان يحدد مصير الحكومة، فإما ان تتشكل حكومة فيها من يسميهم "الثنائي الشيعي" مع منح وزارة المال له وإما تبقى المقاطعة كما اعلن بري وعندها الامور ذاهبة الى التصعيد وإنتهاء مفاعيل المبادرة الفرنسية، ويتبين جدية اديب والفرنسيين في اعلان حكومة امر واقع والتي ستواجه مطبين :توقيع رئيس الجمهورية لمراسيمها ومن ثم الثقة في مجلس النواب قبل ان تسقط ميثاقياً بفعل مقاطعة النواب الشيعة لجلسة الثقة.
وتؤكد ان فريقنا سينتظر تبلور الاجواء اليوم رغم ان الاتصالات بين مختلف القوى الاساسية لم تهدأ وهناك سيناريو كامل للمواجهة يعلن عنه في حينه.
وتشير الاوساط الى ان الرئيس بري كان واضحاً في بيانه وتحميله الداخل الذي يحرك الرئيس المكلف مصطفى أديب، وبالتالي يظهر ان الرؤساء السابقين للحكومة هم من يشكلون وليس أديب وهم يحركونه كما يشاؤون. ويبدو ان البعض قد فهم المرونة الشيعية ولا سيما من جانب "حزب الله" خوفاً وتحسباً من الاعظم.
وتقول الاوساط انها لم تتأكد من صحة ما يقال ويتردد من باب التهويل الاعلامي والسياسي عن توجه الرئيس المكلف مصطفى أديب الى بعبدا صباح اليوم لتقديم تشكيلة من 14 وزيراً على ان يختار هو الاسماء كلها من دون التشاور مع اي من الافرقاء كما يعتمد المداورة الطائفية في الحقائب السيادية ويدمج حقائباً خدماتية مع بعضها.
وتلفت الاوساط الانتباه الى ان اي حكومة من دون "الثنائي" لن تبصر النور، وان ابصرت النور ستسقط في مجلس النواب في جلسة الثقة.
وعن الرهان على عدم توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمراسيم حكومة "امر واقع" إذا أقدم عليها اديب، تقول الاوساط ان كلام الوزير جبران باسيل في مؤتمره الصحافي امس يؤكد بشكل واضح ان عون سيوقع مراسيم الحكومة اذ بدا باسيل وكأنه يسلف الفرنسيين موقفاً ايجابياً بعدم المشاركة ولكن مع التسهيل الى اقصى حد.
وبالتالي قد يلجأ عون الى خطوة رمي الاحراج من بعبدا على ساحة النجمة وهناك تسقط الحكومة بسحب الميثاقية الشيعية ولن تأخذ الثقة.
وتنبه الاوساط هنا الى امور عدة اهمها: ان خطوة حكومة "الأمر الواقع" ستُحرج عون وباسيل وحلفاءهما الشيعة، فإذا لم يوقع عون سيظهر انه معرقل لمبادرة ماكرون واذا وقع سيدفع الامور الى خطوة لا تريدها الاكثرية وهي حلول حكومة مصطفى أديب التي لم تنل الثقة لتكون هي حكومة تصريف الاعمال بدل حكومة حسان دياب التي تصرف الاعمال، وبالتالي فقدان السيطرة على الحكومة وخضوع الاكثرية للابتزاز من الاقلية كما حدث مع حكومة فؤاد السنيورة في العام 2006 عندما تعطل البلد وأدت الى مشكلة كبيرة في 7 ايار 2008.
وتؤكد الاوساط ان "الثنائي الشيعي" لن يسكت عل العقوبات الاميركية والتي طالت الرئيس بري عبر معاونه على حسن خليل وعبر معاون الوزير سليمان فرنجية الوزير السابق يوسف فنيانوس.
ومع اقتراب ظهور حقيقة مبادرة ماكرون ومغازيها في تطويق "حزب الله" بالسياسة والدبوماسية وإخراجه تدريجياً من السلطة والحد من نفوذه السياسي، يعرف الحزب مقاصدها الحقيقية وتعامل معها على انها فرصة لانقاذ البلد لا لتعميق ازماته ولم تنطل عليه ضحكات ماكرون "الصفراء"!