منذ زيارته الى فلسطين المحتلة في ايار من العام 2014 والعلاقة ليست على ما يرام بين "حزب الله" والبطريرك الماروني بشارة الراعي. وبسبب قرار من حارة حريك بعدم تجميد كامل للعلاقة بين الطرفين وبقائها في سياقها الطبيعي، لم ينقطع التواصل في حده الادنى من معايدات، وانعقاد اللجنة المشتركة بين الطرفين، والتي تدنت لقاءاتها الى الحد الادنى، قبل ان يطلق الراعي سلسلة مواقف عن "الحياد الايجابي" ومن ثم توجها بوثيقة عن الحياد وضمنها رؤيته، والتي أتت لتكرس انه بات في مقلب سياسي مغاير كلياً لما تفكر به المقاومة و"حزب الله".
هذه الاجواء تؤكدها اوساط بارزة في تحالف "حزب الله" و"حركة امل". وتقول لـ"الديار" ان الاجواء اليوم بين "الثنائي الشيعي" والبطريركية المارونية ليست سوية.
وتفصل الاوساط العلاقة مع بكركي والطائفة المارونية عن المواقف السياسية التي ادلى ويدلي بها الراعي يومياً. فالاحترام لمقام الراعي الديني والرعوي والكنسي وكذلك الود الذي يكنه "الثنائي الشيعي" للصرح الديني العريق، لا يعني المسايرة في المواقف السياسية والتي يبدو انها تعبر عن مسار جديد في توجهات الراعي تجاه "حزب الله" والمقاومة، وتجاه القضايا العربية المحقة من فلسطين الى سوريا الى إستكمال تحرير ما تبقى محتلاً من جنوب لبنان.
وتكشف الاوساط ان تكرار هذه المواقف من الراعي ورفع سقفها تدريجياً هو لجر "حزب الله" الى سجال مع البطريركية المارونية وتأثير هذا السجال في تشكيل جبهة ضغط على المسيحيين بشكل عام والمسيحيين المتحالفين مع "حزب الله" بشكل خاص، وما يمكن ان يرتبه هذا السجال من إحراج لحارة حريك. والتي يبدو وفق الاوساط انها أخذت قراراً منذ فترة بعدم خوض اي سجال بشكل عام ومع بكركي على وجه الخصوص مع التشديد على هذا الامر للقيادات والمعنيين.
وتشير الاوساط الى ان حتى فكرة اللقاء التي كانت طور التنضيج بين وفد رفيع من "حزب الله" في آواخر آب الماضي والبطريرك الراعي، والذي كان يرتب عبر وسطاء واصدقاء مشتركين وبطلب من الراعي ودعوة منه، تم العدول لأن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، وبعد شعور "حزب الله" ان الراعي لا يُفوّت فرصة الا لتصعيد المواقف وتعقيد الموقف.
وتؤكد الاوساط ان دخول الراعي ايضاً على خط التشكيلة الحكومية ولا سيما بعد مواقفه امس، لم يترك مجالاً للمهادنة مع الطائفة الشيعية والتي يمثل ثقلها وتمثيلها الشعبي السياسي "حزب الله" "وحركة امل"، فأتت مواقفه لتكرس هذه القطيعة وتستدعي رداً من الطائفة الشيعية عبر
المجلس الشيعي الاعلى والمفتي الجعفري الشيخ احمد قبلان وفي تأكيد على ان مطلب الطائفة الشيعية بتولي وزارة المال وتسمية الوزارء غير قابل للتفاوض ولن يتزحزج قيد أنملة.
ولا مهادنة في الوجود الشيعي السياسي الكامل في الحكومة لجهة التمثيل في "المالية" وفي الوزارات مهما كان عدد الحكومة، مع مرونة في الاسماء ومن غير الحزبيين واصحاب الاختصاص اما غير ذلك فلا مجال للنقاش ابداً.
وتؤكد الاوساط ان لا تقدم حكومياً ابداً، في ظل مقاربة الرئيس المكلف مصطفى أديب للتكليف من زاوية سلبية، وتقضي بفرض اعراف على "الثنائي الشيعي" والتيار الوطني الحر، وحتى رئيس الجمهورية لم يطلعه أديب على تشكيلته الحكومية ولم يتشاور معه فيها حتى الساعة. وكأن المطلوب تكريس وفرض اعراف جديدة، والغاء الكتل النيابية وممثليها والانقلاب على نتيجة الانتخابات ونسفها، واقصاء "حزب الله" و"حركة امل" و"التيار" من المعادلة الحكومية تحت ذريعة "حكومة اختصاص" و"حيادية" و"مصغرة ومنتجة".
وتنفي الاوساط علمها بتوقف المبادرة الفرنسية او نعيها رسمياً رغم وجودها في العناية الفائقة، كما لا معلومات عن مشاورات جديدة او نية الرئيس المكلف الاعتذار.
وتختم : ما عندنا قدمناه وسهلنا الى اقصى الحدود، والكرة لآن في ملعب الفرنسي وهو الذي اختار اديب وزكاه وهو من طرح مبادرته وهو من عليه متابعتها او ايقافها.