لن يستطيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حسم المعركة الإنتخابية التي يقودها للبقاء في البيت الأبيض. رغم كل السعي في طبيعة الخطاب السياسي-الإقتصادي الذي يعتمده لكسب الراي العام الأميركي، ورغم كلّ خطواته لتثبيت قوّة إسرائيل في الشرق الأوسط، وجرّه لدول عربية إلى التطبيع مع تل أبيب برعايته شخصياً، لا يزال ترامب يعاني من أزمة داخلية. فهل يكون المخرج عنده بإثارة زوبعة حرب ضد إيران، بعد عجزه عن ترجمة تهديداته للصين؟.
كل المؤشرات الأميركية توحي بأن الرجل يستمع إلى نصائح وزير خارجيته مايك بومبيو القادم من وكالة الإستخبارات المركزية. يدفع الأخير بإتجاه القيام بخطوات عسكرية لإستفزاز الإيرانيين وجرّهم إلى معركة يستطيع من خلالها ترامب أن يحشد الأميركيين خلف الأمن القومي للدولة. وهو بالمناسبة مصطلح إستخدمته واشنطن سابقاً في رص الصفوف الأميركية أثناء الهجوم على العراق.
يستند بومبيو في إقناعه ترامب على إتخاذ العقوبات ضد إيران عنواناً لتنفيذها من جانب واحد، ومن دون تفويض مجلس الأمن الدولي الذي كان فشل في التوصل لإتفاق بشأن تفعيل العقوبات بحق طهران.
مضمون المؤتمر الصحفي الاخير لبومبيو يشير الى عزم ادارة بلاده تنفيذ العقوبات على ايران من طرف واحد، وهو يشكّل مدخلاً لقرار تفتيش السفن الايرانيه وترقب الرد الايراني.
يتحدث باحثون عن وجود خطة في الدوائر الأميركية تقوم على أساس تحرش السفن الأميركية بالقطع البحرية الإيرانية، أو غير الإيرانية التي يُشتبه في نقلها البضائع للإيرانيين، مما يدفع طهران للرد على الأميركيين، فتبدأ المواجهة المعدّة من قبل البيت الأبيض، وتجرّ معها تعاطفاً شعبياً اميركياً وإسرائيلياً، يُترجم في تثبيت ترامب في البيت الأبيض لولاية ثانية. هذا يعني ان السيناريو يقضي بأن يبدأ تنفيذ الخطّة خلال أيام قليلة، لمواكبتها بحملة سياسية وإعلامية لرفع التأييد لترامب.
يُشبه السيناربو المشار إليه ما حصل في خليج تونكين عام 1964 في حرب فيتنام. حينذاك إتخذت واشنطن حدثاً مركّباً لبدء القصف الناري المكثّف. يستحضر بومبيو نفس السيناريو لإستهداف الإيرانيين خلال آخر شهر من حملة الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
لذا، إستقدمت واشنطن الى مياه الخليج حاملة الطائرات "نيميتز" والطرّادين حاملي الصواريخ "فيليبين سي" و"برنستون" والمدمرة "ستيريت" وسفنا مرافقة، دخلوا عبر مضيق هرمز في الساعات الماضية.
يمكن القول أن الأميركيين بدأوا عملياً بحصار طهران، في ظل دعم معنوي خليجي، ومؤازرة إسرائيلية ضمنية. فهل يجرها ترامب الى خضوع يُترجم في الإتفاق معه قبل الإقتراع الرئاسي الأميركي؟ أم ان إيران تستمهل حصول الإنتخابات بعد أربعين يوماً من دون لا ردة فعل عسكرية ولا سياسية؟.
كل المؤشرات توحي بأن السخونة وصلت إلى أعلى مستوياتها، في ظل تمنيات الديمقراطيين على إيران بعدم الإنجرار خلف حسابات ترامب وانتظار فوز جو بايدن لتوقيع اتفاق معه.
ولنفترض أن المواجهة حصلت، وان إيران استطاعت ضرب مصالح أو سفن أميركية، والحقت بها خسائر ضخمة. بالطبع، سيكون ترامب قد أوقع نفسه في رهان فاشل، فيتحول التأييد الشعبي الأميركي المُفترض الى سخط على الرئيس الأميركي. واذا كانت تل أبيب تشجّع واشنطن الآن على خوض معركتها ضد طهران، واعتبار اللحظة الإقليمية مؤاتية، فماذا لو قرر الإيرانيون استهداف الإسرائيليين من جبهات عدّة؟ عندها ايضا يكون ترامب قد اشعل الإقليم في مواجهات طويلة ستقود العالم الى مزيد من الأزمات.
عندها سيحصل خلط جيوسياسي في الإقليم، قد يقود دولا أخرى الى الخروج من مساحاتها تحت عنوان الأمن القومي. لا أحد يعلم خطورة الخطوة. هذا ما يؤكد ان الحلقة اللبنانية الحكومية هي مجرد تفصيل في مشهد إقليمي ساخن.