من جديد تعود بلدية بيروت إلى الواجهة، لكن هذه المرة مع خطر داهم يتعلق بالـData base، الأمر الذي يصفه البعض بـ"الكارثي" في حال تعرضها لأي ضرر، بسبب خلاف كان من الممكن تفاديه.
أساس الخلاف، الذي احتدم في الفترة الماضية، يعود إلى طلب المحللّة سكينة باز من المحافظ مروان عبود تحديد أوقات صدور مستحقات الموظفين لتشغيل الـData center، بموجب كتاب عدد 11583 تاريخ 7-9-2020، بسبب إزدياد حالة السوء التي وصل إليها وضع الـUps الوحيد، وجوابه عليها بتشغيلها مباشرة عبر التيار الكهربائي.
في التفاصيل، كانت باز قد أرسلت كتابا عدد 8928 تاريخ 3-7-2020، أفادت فيه بتعطل Ups عدد 2 من أصل 3 في الغرفة التي تُغذي الـData center، وذلك بسبب إستنفاذ طاقتهما للحد الأقصى بعد إنقطاع الكهرباء، وبسبب الحرارة المرتفعة في الغرفة جرّاء عطل المكيفات الهوائية، حيث بلغت درجة الحرارة 41 درجة في حين أنه يتوجب أن تكون 23 درجة.
بعد إنفجار مرفأ بيروت، في الرابع من آب الماضي، أخبرت باز المحافظ عبود بالوضع السيء الذي آلت لليه غرفتي الـData center والـUps، وبدأت تتعرض لمضايقات بحجة الطلب من موظفي دائرتها نقل أجهزة ومعدات لغرفة لديهم في القصر البلدي، لأنّه لم يعد لديهم مكتبا مع باب للحفاظ على المعدات بوجود الكثير من العمال الغرباء، الأمر الذي تمثل بمنع موظفي الدائرة من دخول الـData center.
وبعد أن أرسلت كتاباً للمحافظ شارحة فيه ما حصل، وطالبة تكليف من يراه مناسباً لتشغيل الـData center، رفض عبود الأمر وطلب منها تحمل المسؤولية وتشغيل "السيرفيرات"، مؤكداً أنه لم يطلب منعها من الدخول وقام بمعالجة الأمر.
بتاريخ 9-9-2020، رد المحافظ على الكتاب عدد 11583، بطلب تشغيل الـData center دون الإستعانة بالـUps، الأمر الذي دفع باز إلى الرد بتاريخ 10-9-2020، مؤكدة أن الحديث عن إمكانية تشغيل الـDatacenter دون الإستعانة بالـUps غير صحيح لأن هذه المعدّات حساسة جداً، بشهادة الشركة التي ساهمت بتركيبها، والتي تحظر تشغيلها إلا عبر التيار الكهربائي الصادر بواسطة الـups الذي يمنع أي صدمات أو تغيير مفاجئ في قوة هذا التيار، وذلك لخطورته الكبرى التي تؤدي إلى تعطيل الأجهزة والمعدات وتخريب الـData Base الخاصة ببلدية بيروت.
وطلبت من المحافظ أحد خيارين: الموافقة على منع تشغيل الـData center إلا عبر التيار الكهربائي الصادر عبر الـUps، أو تكليف من يراه مناسباً لإستلام الـData center وتشغيلها كما يريد.
قبل إنفجار الخلاف بين الجانبين، تم التداول بكتاب سبق أن أرسلته باز إلى عبود، عدد 10871 تاريخ 18-8-2020، تعلمه فيه عن إزالة معظم الشبكة في الطابقين الأول والثاني من مبنى المالية للبلدية، وأنّها تكلف أمولاً طائلة وتعتبر هدراً للمال العام، طالبة إحالتها للتحقيق لمعرفة من أعطى الأوامر بذلك، لكن بعد نحو 20 يوماً تمت المباشرة بحملة إتهام لها، على مواقع التواصل الإجتماعي، بأنها هي من قطعت الأشرطة.
بتاريخ 14-9-2020، أرسلت باز كتاباً للمحافظ، عدد 11842، أرفقت فيه مفاتيح تشغيل الـData center لتسليمها لمن يراه مناسباً، اخلاء لها من أي مسؤولية في أي وقت كان من تشغيلها أو إطفائها، الأمر الذي دفع بعبود إلى طلب الإجتماع بها والإستمرار بتشغيل الـData center، على أن تُعالج المشاكل التقنية والفنية بالتنسيق مع احدى عضوات المجلس البلدي، وتشغيل المركز المذكور فقط خلال أيام اصدار مستحقات الموظفين، الى حين معالجة كافة المعوقات.
في اليوم التالي، قبل التشغيل، نصت المحلل كتاباً وعطفته على إجتماعها بالمحافظ، وأنها ستشغل الـDatacenter على أن تقوم المصلحة المالية بتحديد أيام إصدار مستحقات الموظفين وأرسلته للتسجيل، إلا أنه تم رفض تسجيله الأمر الذي دفعها لإبلاغ عبود، خصوصاً أنها علمت أن أحد الموظفين السابقين دخل إلى غرفة الـData center في اليوم السابق.
وخلال إنتظارها لرد المحافظ إتصل بها وطلب منها الحضور إلى مبنى المالية، حيث وقع خلاف بين الجانبين، ولاحقاً، أرسل المحافظ بطلب بعض الخبراء وأخبرهم أن المحلل عطلت العمل، واستُعين بخبير قاعدة البيانات المتعاقد معه والطلب منه تغيير Super Owner، ووُضع قفل على باب الغرفة وتسليمه إلى أحد الموظفين.
في خلفيات ما يحصل، حديث أنّه يأتي في سياق رغبة عبود، بالإضافة إلى بعض الموظفين المقربين منه، إبعاد الذين كانوا من المقربين من المحافظ السابق زياد شبيب عن دائرة القرار، إلا أن اللافت هو الإشارة إلى أن المحافظ يستعين بموظفين سبق له أن أصدر قرارات بحقهم خلال فترة رئاسته الهيئة العليا للتأديب.
في هذا السياق، ينفي المحافظ عبود، في حديث لـ"النشرة"، الكلام عن إستبعاده الموظفين الذين كانوا مقربين من شبيب، ويعتبر أن الدليل على ذلك هو أن باز لا تزال في موقعها حتى الآن، ويشير إلى أن خبراء معلوماتيّة يتولّون إدارة قاعدة البيانات في الوقت الراهن، ويؤكد أن كل شروط الأمان متوفرة، وبالتالي الحجّة التي كانت تقدم ليست في مكانها.
ويشدد عبود على أن ما يهمه هو النتيجة، أي أن يعمل النظام كي تستطيع البلدية إجراء عمليات التحصيل والدفع، ويشير إلى أن الحديث عن إستعانته بموظفين سبق له أن أصدر قرارات بحقهم عندما كان رئيساً للهيئة العليا للتأديب يتعلق بموظف واحد، ويشير إلى أن هذا الموظف لم يكن محالاً على الهيئة لأسباب تتعلق بأخلاقه أو مناقبيته أو سوء سلوكه، بل لعدم تنفيذه أوامر رؤسائه، الأمر الذي أدى إلى إصدار عقوبة بحقه، بينما هو كان يرفض التنفيذ لأنه كان يرى أن الأمر مخالف للقانون.
بالعودة إلى النقطة الأساسية المتعلقة بالـData base، يسأل عبود: "هل مصلحتي اتلافها أم مصلحة أحد آخر"؟، ويضيف: "ما هي مصلحتي بتعريضها للخطر في حين أنا في موقعي منذ قرابة شهرين فقط"، ويجدد التأكيد على أن هدفه هو أن يسير العمل بشكل طبيعي، وينفي إستهداف أيّ موظف لأنه يعامل الجميع بالمساواة، لكنه لا يريد أن يستأثر أي موظف بدائرة معينة.
ويشدد عبود على أنه لا يقبل أن يبقى النظام غير شغال لفترة طويلة تحت حجة عدم القدرة على تشغيله عبر التيار الكهربائي مباشرة، ويعتبر أنه لو كان الأمر صحيحاً كان المطلوب إيجاد حل تقني، ويضيف: "اليوم العمل قائم وبألف خير".
في المحصلة، بعيداً عن وجهات النظر المتناقضة من هذه المسألة، حيث هناك من يؤكد أن الـData base بخطر ومن ينفي ذلك، يبقى السؤال الجوهري هو عن السبب الذي يحول دون إصلاح الـUps، وبالتالي معالجة المشكلة من جذورها؟.