إن الخطوة الرئاسية تدل على ان كل المبادرات السابقة لتذليل العقد، تشير الى ان الوضع اللبناني بات حرجاً ودقيقاً ولم يعد يتحمل مماطلة وتسويفاً في ظل تكاثر التحديات، الامنية منها والاقتصادية.
رأى عون ضرورة اخذ المبادرة من اجل تأليف الحكومة لا سيما ان الاخطار اكبر من ان تُحتمل، والمبادرة يجب ان تنجح. والّا ستكون هناك كارثة جهنمية.
ففي المضمون، أحيطت المحادثات والاقتراحات التي تقدم بها عون لكسر الجمود الحكومي،
الا انّ رئيس الجمهورية اقترح على المعنيين امكان اسناد وزارة المال الى الطائفة المارونية، علّ هذا الامر يفتح الباب لحل الازمة، لكن تبين للمعنيين انّه اراد من هذا الطرح ان يحدث “زحزحة” في المواقف بين المعنيين المتمسكين منهم بهذه الحقيبة الوزارية والمعارضين لها.
يعرف عون جيداً ان لا حلاً قريباً للأزمة، في ظل المراوحة التي يشهدها الملف الحكومي، وقد اشار بشكل غير مباشر إلى أن ما كان يحصل عليه حزب الله كغطاء لسياساته الداخلية والخارجية لم يعد ممكناً
فقد بدا الرئيس مدركاً أن الجانب الأميركي يرى أن الحل بالتسويات لم يعد ممكناً، خاصة بعد تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المالية.
لذا فإن عون كان يعول على جمع ما لا يمكن جمعه، بكسب رضا الغرب، خاصةً واشنطن وباريس، مع إبقاء تحالفه مع حزب الله، لما يمثله من قوى داخلية وتحالف إقليمي في المنطقة.
فهو يُدرك جيداً أن العرب منقسمون بين التحالف مع واشنطن أو الانخراط بتحالفات مع تركيا أو إسرائيل، لكن التحولات السريعة التي شهدتها المنطقة وإصرار إدارة ترامب على مواجهة إيران وإضعافها، أثرا على واقع حليفه الداخلي حزب الله، الذي بات يعيش في عزلة كبيرة عربية ودولية.
ترى مصادر مطلعة بأن حزب الله يؤجل تشكيل الحكومة لحسابات الصراع الإيراني الأميركي، ولم يعد مبرراً المماطلة وعرقلة تشكيل الحكومة، إذ تغرق البلاد ببطء في فوضى الحوادث الأمنية والعوَز ومخاطر الهجرة بحراً، في وقت لا مجال فيه للحديث عن حقوق طائفية وإثارة النزعات المذهبية.
أن أسباباً خارجية لا داخلية هي التي تحول دون التقدم في الملف الحكومي، وإن ما أعلنه الرئيس عون يخالف حقيقة الأسباب التي تعرقل تشكيل الحكومة.
فكل ذلك مرتبط باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي سوف تُقرر مسار التفاوض الإيراني مع واشنطن، ونتائجه على حزب الله وحلفائه، إذ تشهد الحالة اليوم، تصعيداً متسارعاً لذلك قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب أن تسلكه خلال الحملة الانتخابية، ربما لاستدراج طهران إلى الرد، حيث ستتواصل العقوبات الأمريكية على طهران وعلى
حزب الله خلال الأسابيع المقبلة.
فهل يفعلها عون ويفك ارتباطه مع حزب الله؟
بدليل تصريحات صهره جبران باسيل، الأسبوع الماضي، عن حزب الله والحروب الخارجية والحديث عن تغطية الفساد، وأيضاً زيارة إسماعيل هنية لبيروت جاءت مؤشراً لفك الارتباط التدريجي معه.
وفي الوقت نفسه يجري بعض المقربين من باسيل زيارات لواشنطن، للتوسط من أجل عدم إدراجه
على لائحة العقوبات .
كل ما يخشاه عون، هو أن ينتهي عهده بالفشل والإفلاس والانهيار ما يدفعه للجوء إلى مبادرة
ماكرون لينقذ ما يمكن إنقاذه حتى لا تدخل البلاد في جهنم اشد قساوة مما يعيشه الشعب الآن.