سجّلت حركتا "فتح" و"حماس" خطوة عملانية، تعزيزاً للحوار الثنائي المُتجدِّد بينهما، بعد توقُّفٍ استمرَّ مُنذ مُدّة طويلة.
فقد عُقِدَ في اسطنبول في تركيا، أمس (الثلاثاء) لقاء بين وفدين من الحركتين.
ترأس وفد حركة "فتح" أمين سر اللجنة المركزية اللواء جبريل الرجوب وعضوية عضو اللجنة المركزية روحي فتوح القادمين من رام الله.
ووفد "حماس" رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية وعضوية نائبه صالح العاروري وعضو المكتب السياسي رئيس مكتب العلاقات الوطنية باسم بدران، القادمين من بيروت.
بدأ اللقاء المطول، عند الثالثة بعد الظهر، بغداء أقامه هنية في مقر اقامته في اسطنبول، وكان مُستمراً حتى ساعات ما بعد مُنتصف الليل.
وعلمت "اللـواء" من مصادر موثوق بها، أنّ أجواء اللقاء كانت أخوية وإيجابية، انطلاقاً من تأكيد ما جرى خلال الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهنية، خلال زيارة الأخير على رأس وفد من "حماس"، إلى سفارة دولة فلسطين في بيروت، ولقاء السفير أشرف دبور ووفد من حركة "فتح"، في الوقت ذاته، الذي كان يجري فيه توقيع الاتفاقات في البيت الأبيض (الثلاثاء 15 أيلول/سبتمبر 2020).
وإنّ الرئيس عباس أبلغ هنية مُوافقته على ما يتم التوافق عليه، وإنّ الرجوب لديه تفويضاً كاملاً.
وأبلغت مصادر مُطلعة "اللـواء" بأنّه تمَّ خلال اللقاء بين وفدَيْ "فتح" و"حماس"، التأكيد على عدم بحث أي من الملفات التي كان يُشكّل طرحها "لغماً" يُؤدّي إلى بروز عقبات تعرقل إنهاء الانقسام.
وجرى خلال اللقاء التطرّق إلى:
- المُصالحة وإنهاء الانقسام.
- إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية.
- إعادة بناء وتطوير "مُنظّمة التحرير الفلسطينية".
- تنفيذ مُقرّرات اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الوطنية الفلسطينية.
كما جرى التأكيد على تنفيذ مُقرّرات اجتماع الأمناء العامّين، وتشكيل اللجان التي تمَّ التوافُق على تشكيلها، ما شُكّل منها، أو ما زال في طور التشكيل.
ومن المُقرر أن يتمّ اليوم استكمال البحث للاتفاق على إجراء الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية، حسب التمثيل النسبي.
ومن المُتوقّع أنْ يُصدِر الرئيس عباس مرسوماً رئاسياً يُحدّد فيه تاريخ إجراء الانتخابات، مع حرص أنْ يكون ذلك قبل خطابه في الجمعية العامة للأمم المُتّحدة بعد غدٍ (الجمعة).
ويُصرُّ الرئيس عباس على إجراء الانتخابات، التي لم تُجرَ مُنذ العام 2006، على الرغم من المُحاولات المُتكرّرة لإجرائها في الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس.
لكن قد تعترض إجراء الانتخابات، مُحاولات الاحتلال الإسرائيلي لعرقلتها في الضفة وغزّة، ومنع ذلك في مدينة القدس، لأنّه يعتبرها مدينة مُوحّدة عاصمة لدولته اليهودية.
هذا، وتحتاج "اللجنة العامة للانتخابات" إلى 100 يوم لتجهيز قاعدة البيانات وإنهاء الاستعدادات، قبل إجراء الانتخابات.
وتكمن أهمية هذا اللقاء بأنّه:
- يُعقد دون وسطاء، بل ببصمة فلسطينية 100%.
- الأوّل بعد "اجتماع الأمناء العامّين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني"، الذي عُقِدَ برئاسة الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، وتزامناً في بيروت (الخميس 3 أيلول/سبتمبر 2020).
- بعد عقد لقاء إعلامي بين حركتي "فتح" و"حماس" مُمثّلين بالرجوب (من رام الله) والعاروري (من بيروت)، عبر شاشة تلفزيون فلسطين من خلال تقنية "الفيديو كونفرنس" (الخميس 2 تموز/يوليو 2020)، وتكليفهما من الحركتين برئاسة وفدين، لمُتابعة الأمور بشكل يومي.
- الأوّل بعد توقيع اتفاق التطبيع بين دولة الإمارات العربية المُتّحدة والكيان الإسرائيلي، والإعلان بين مملكة البحرين والكيان الإسرائيلي، برعاية أميركية في البيت الأبيض في واشنطن (الثلاثاء 15 أيلول/سبتمبر 2020)، والمُباحثات التي تّجرى في أبوظبي لحث السودان على المُشاركة في التطبيع.
انطلاقاً من المخاطر المُحدِقة التي تمرُّ بها القضية الفلسطينية، في ظل إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تنفيذ "صفقة القرن" التي أعلن عنها، وتحقيق إنجازات ليسجّلها في سباقه الانتخابي الرئاسي، وللضغط على المسار الفلسطيني الرافض لها، بأنّ العرب وقّعوا اتفاقات، لاتخاذ ذلك ذريعة في
مُحاولة إقناع دول بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، تجاوزاً لمبدأ حل الدولتين و"مُبادرة السلام العربية"، ما يُعطي استمراراً لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمُمارساته التهويدية والاستيطانية والضم واعتداءاته.
وكان الرئيس عباس قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وضعه خلاله في صورة الحوارات التي تُجرى حالياً بين حركتي "فتح" و"حماس" والفصائل الفلسطينية، وفق ما تمَّ الاتفاق عليه في اجتماع الأمناء العامّين للفصائل، وإصرار الجميع على وحدة الموقف، بهدف تحقيق المُصالحة والذهاب للانتخابات.
وطالب الرئيس عباس بـ"دعم تركيا بهذا الاتجاه، كذلك توفير مُراقبين من تركيا في إطار المُراقبين الدوليين، للمُراقبة على الانتخابات".
كما وضع الرئيس "أبو مازن" الرئيس أردوغان في صورة آخر المُستجدات السياسية، والضغوط التي تُمارسها الولايات المُتّحدة الأميركية على عدد من الدول، وضرورة مُواجهة هذه الضغوط والإلتزام بـ"مُبادرة السلام العربية".
وشكر الرئيس عباس لنظيره التركي "مواقف تركيا الداعمة لفلسطين وقضيتها العادلة، والاتصالات التي أجراها الرئيس أردوغان مع رئيسَي صربيا وكوسوفو لحثّهما على عدم فتح سفارات أو مكاتب لهما في القدس".
تخلّي فلسطين عن رئاسة جامعة الدول العربية
تزامن عقد لقاء "فتح" و"حماس" مع إعلان فلسطين التخلّي عن رئاسة جامعة الدول العربية في دورتها الحالية 154، وفق ما أعلن وزير الخارجية والمُغتربين الفلسطيني الدكتور رياض المالكي.
ووجّه المالكي رسالة إلى أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيظ، أشار فيها إلى أنّ "هذا القرار جاء بعد اتخاذ الأمانة العامة للجامعة موقفاً داعماً للإمارات والبحرين، اللتين طبّعتا علاقاتهما مع "إسرائيل"، في مُخالفة لمُبادرة السلام العربية".
وأضاف: "إنّ بعض الدول العربية المُتنفّذة رفضت إدانة الخروج عن "مبادرة السلام العربية"، وبالتالي لن تأخذ الجامعة قراراً في الوقت المنظور، لصالح إدانة الخروج عن قراراتها".
وقال المالكي: "إنّ فلسطين لا يشرّفها رؤية هرولة دول عربية للتطبيع مع الاحتلال، ولن تتحمّل عبء الانهيار وتراجع المواقف العربية والهرولة للتطبيع"، معتبراً أنّ "الجامعة أدارت الظهر لما حدث".
لكن المالكي أوضح أنّ "فلسطين لن تتنازل عن مقعدها في الجامعة، لأنّ ذلك سيخلق فراغاً يُمكن أنْ يُولّد "سيناريوهات" مُختلفة نحن في غنى عنها في هذه المرحلة الحسّاسة".
اشادة فلسطينية بموقف الكويت
في غضون ذلك، أشادت القوى الفلسطينية بموقف دولة الكويت، في ضوء ما أكده مجلس الوزراء الكويتي، على "مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى".
وشدّد المجلس خلال جلسته الأسبوعية "إلتزام دولة الكويت بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم خياراته وتأييدها لكافة الجهود الهادفة إلى الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يضمن للشعب الفلسطيني إنهاء الاحتلال، وعودة اللاجئين، وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران/يونيو1967، وفق قرارات الشرعية الدولية و"مُبادرة السلام العربية" وحل الدولتين".