بعد جلسة ماراتونية دامت حوالى ثماني ساعات، إتخذ مجلس نقابة المحامين في بيروت قراره بحجب إذن الملاحقة عن المحامي وديع عقل. هذا الإذن الذي لم يعط بأكثرية الأصوات، ورد الى النقابة من النيابة العامة التمييزية بناء على إخبار مقدم بحق عقل من قبل شخصين غير معروفين يقيمان في طرابلس، وتبين أن أحدهما سوري الأصل ومن بانياس وقد حصل على الجنسية اللبنانية في أوائل التسعينيات.
جلسة الثماني ساعات لم تكن جلسة عادية لا في الشكل ولا في المضمون. في الشكل إستغرق النقاش حول طلب إذن ملاحقة عقل حوالى خمس ساعات، بينما أقر مجلس النقابة البنود الأخرى من جدول الأعمال خلال ثلاث ساعات فقط. وفي الشكل أيضاً، كانت أكثر من لافتة الخلوة التي عقدت في مكتب النقيب ملحم خلف بعد إنتهاء إجتماع مجلس النقابة والتي جمعته بالمحامي عقل وبعض اعضاء المجلس وهي من الجلسات التي لا تحصل عادةً بين نقيب المحامين وأي محام تنظر النقابة بإذن طلب ملاحقته.
أما في المضمون، فيمكن إختصار الجلسة بكلمة واحدة، السرّية.
فالأعضاء تعهدوا امام النقيب بعدم تسريب أي معلومة عن المداولات وقد جرى حديث خلال الجلسة عن ان التسريب قد يؤدي الى إحالة صاحبه أمام المجلس التأديبي والى تحميله المسؤولية المعنوية عنه. حتى قرار المجلس بعدم إعطاء إذن ملاحقة عقل، لم ينشر بعد الجلسة ولم يسرب بل ترك للنقيب الإعلان عنه وهكذا حصل. ما جرى قبل التصويت تقول مصادر "النشرة" هو أن 5 أعضاء من 12 كانوا مع حجب إذن الملاحقة، وعندما حاول النقيب خلف مراراً وتكراراً تأمين توافق على قرار واحد كي لا ينته الأمر أمام مشهد فريق خاسر وآخر منتصر، كل ذلك من دون الوصول الى أي توافق، طرح طلب النيابة العامة التمييزية على التصويت، فحصل حجب الثقة على 5 أصوات، وما جعل من هذه الأصوات الخمسة أكثرية، هو توزع اصوات الاعضاء السبعة الباقين على ثلاث مجموعات، الاولى تريد إعطاء الإذن والثانية إمتنعت عن التصويت إضافة الى الثالثة حيث كان لها رأيها الخاص، علماً أن الأعضاء الستة (بإستثناء النقيب خلف) الذين تبعثرت أصواتهم إما ينتمون الى القوات وإما هم من المقربين من الكتائب وتيار المستقبل وإما هم في الحزب الإشتراكي وإما يدورون بفلك ما كان يعرف بفريق "14 آذار".
ما سعى اليه خلف من خلال هذه السرية، هو عدم تحويل القضية الى مادة سجالية عبر وسائل التواصل الإجتماعي بين فريق إعتبر نفسه منتصراً وآخر هزمه أعضاء مجلس النقابة، ومن هنا طلب من الأعضاء عدم تسريب ما حصل كي لا تتحرك الجيوش الإلكترونية على وسائل التواصل الإجتماعي وطلب من عقل أيضاً عدم تحويل القرار الى إنتصار سياسي يسجله فريقه، أي التيار الوطني الحر على الأفرقاء الآخرين، وذلك في لحظة سياسية وإقتصادية لم يعد لبنان قادراً على تحمل تبعاتها.