لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، "أننا مع كلّ شعبنا في حالة قلق بسبب تفشّي وباء كورونا بشكلٍ مخيف، وتداعيات انفجار مرفأ بيروت، واشتداد الأزمة الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة الخانقة، وفوق كلّ ذلك افشال تأليف حكومة جديدة كما كان يريدها الشعب والعالم منقذة تكنوقراطية، غير مسيّسة، فاعلة، وقادرة على اجراء الاصلاحات والبدء بعملية النهوض الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وبكل اسف الخراب يكتفي بلحظة وبتحجّر في المواقف، أمّا البناء فيقتضي سنوات من العمل بتجرّد وتواضع وبذل"، مشيرا الى أنه "في الزمنِ المصيريِّ ينبغي على مكوّناتِ الأمّةِ أن تلتقي لتُنقِذَ الدولة ولا تَختلِف فتَخسِرَها. في الزمنِ المصيريِّ لا قيمةَ لأيِّ نُقطةٍ تُسجَّلُ خارجَ مرمى الوطنِ والخير العام، بل يَتنازلُ الجميعُ لصالحهما".
ورأى الراعي في عظة الأحد أن "فعِاليّة أيِّ مكّونٍ هي في تفاعلِه مع الآخرين لا في الاستقواء عليهم. دورُنا معًا أقوى من دورنِا متفرِّدين ومنفرِدين. حبذا لو أن انفجار المرفأ وإلتفاف الدول حول شعب لبنان شكّلا صحوة الضمير الوطني الداعي الى تأليفِ حكومةٍ حَسْبَ الدستورِ والميثاقِ ووثيقة الوفاق الوطني نصًا وروحًا، وبنيّة صادقة وبسرعة خارقة. أما وقد أُحرج الرئيسُ المكَلَّف مصطفى أديب فأقدم على الاعتذارَ، أصبحَت البلادُ أمام أخطارٍ متعدّدةٍ ليس أقلَّها غيابُ حكومةٍ تقودُ عمليّةَ إنقاذِ البلاد وملاقاةِ المؤتمراتِ الدوليّةِ والتفاوضِ مع صندوقِ النقدِ الدوليِّ. وفوق ذلك خيَّب الاعتذار أمالَ المواطنين ولاسيما الشباب الّذين كانوا يراهنون على بَدءِ تغييرِ في الطبقةِ السياسيّةِ من خلال حكومةٍ جديدةٍ بوجوهِ واعدة، وفاقم الازمة الوطنية والحكومية، اذ بدا كأنه يسلمّ بــ"فيتو" غير موجود في الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني".
وأشار الى أن "البطريركية المارونيّة تنطلق دائمًا من اركان الدولة الثلاثة المتكاملة: الدستورِ والميثاقِ ووثيقة الوفاق الوطني التي تحفظ توازن مكوّنات وطننا الواحد، المشترك والنهائي، وتجمعنا في وحدة وطنية على تنوّع طوائفنا ومذاهبنا واحزابنا وحرية الرأي والتعبير"، مشددا على "أننا نحرص على ان تبقي فرنسا مشكورة عزمها على مساندة لبنان، فاننا حفاظًا على الاركان الثلاثة ندعو الى عدم تخصيص اي حقيبة وزارية لاي فريق او حزب او طائفة او مذهب بشكل دائم، بل الى اتباع قاعدة المداورة الديمقراطية. فلا يمكن الاعتداد بعرف أو التفرّد بخلق أعراف من دون توافق، ومن دون اعتراف الآخرين بها".
وأوضح أنه "في كل حال مهما اختلَف اللبنانيّون، يجب أن تَبقى لغةُ الحوارِ أقوى من أيٍّ لغةٍ أُخرى. ويجب أنْ تَبقى إرادةُ العيشِ معًا أقوى. فمعيارُ نجاح "العيش معًا" ليس الوجود الجسديّ بل التفاعلُ الروحيُّ والحضاريُّ والوطنيُّ والنظرةُ إلى أفْقٍ واحدٍ وغاية واحدة،هما لبنان وشعبه".
وشدد على أن "شهداء الجيش هم شهداءُ كلِّ عائلة لبنانيّة، وبأنّ استشهادهم هو من أجلِنا جميعًا. استشهدوا دفاعًا عن لبنان ضِدَّ الإرهابِ ومنعًا للفتنةِ وصونًا للوِحدة الوطنيّة"، موجها "تحيّةَ تقديرٍ لقيادةِ الجيشِ على التضحياتِ التي قدّمَها والإنجازاتِ التي حقّقها وكان آخرها العملية الأمنية التي جرت بالأمس في منطقة وادي خالد ضدّ المجموعات الارهابية ومطاردتهم بالتعاون مع الاجهزة الامنية الاخرى"، جازما أن "الجيش مخوَّلٌ، مع سائر القوى الأمنيّة الشرعيّة دون سواهم، حمايةَ سيادةِ لبنان، واحتضانَ ثورةِ الشعبِ اللبنانيِّ من أجل التغيير. فإليه وحده يرتاحُ الشعب".